صحيح أن حادثة سجن جو تطور إرهابي نوعي في المواجهة الإيرانية الخليجية لا المواجهة الإيرانية البحرينية فحسب، إلا أن تلك المواجهة بالأعمال الإرهابية المتطورة ليست معزولة أبداً عن المواجهة التي بقيت واستمرت منذ ما قبل 2011 إلى اليوم والتي يتولاها الإعلام الإيراني الناطق باللغة العربية ضدنا، فإيران باختصار مازالت تعمل على تغذية الحاضنة الإرهابية في البحرين في حين اعتبرت البحرين أن حربها الإعلامية مع إيران وحاضنتها قد انتهت.
40 قناة فضائية مفتوحة 24 ساعة في اليوم مهمتها «التأثير» في شريحة من مواطني البحرين لعزلهم عن محيطهم الوطني ثقافياً وسياسياً واجتماعياً، لذلك تستمر الحاضنة بتفريخ المزيد من الإرهابيين الذين هم خارج السجن، ونحن نصر على الاعتقاد بأننا انتهينا، فماذا فعلنا لمواجهتها؟
40 قناة تبث البرامج الحوارية السياسية والثقافية والدينية على مدار الساعة وتعيد بث برامجها في اليوم عشرات المرات، تتضمن مواد تجعل من شريحة من المواطنين البحرينيين ناقمين معزولين عن شركائهم في الوطن وعن التعاطي الإيجابي مع حكومتهم ومع نظامهم السياسي، ومثلما هي خلايا إيران مازالت نشطة مازالت حاضنتها الاجتماعية نشطة هي الأخرى ومازالت موجودة تضخ بمزيد من الإرهابيين للساحة كل يوم، فإيران في الوقت الذي تسلح به الحوثيين وتقود معارك حلب والموصل، ترسل الأسلحة وتجيش مواطني البحرين ضد أوطانهم بالإضافة إلى تزويدهم بالسلاح، فماذا فعلنا لمنعها؟
لا يمكن مواجهة حرب «الإعلام الإيراني» بالتغاضي عنها، لا يمكن التصدي لأفكاره الهدامة دون أن تكون لك سياسة واضحة مدعومة لكشف ادعاءات إيران وحقيقة الوضع الداخلي الإيراني، إنما إلى هذه اللحظة تختار البحرين عدم المواجهة والاكتفاء بسياسة «أمر الله بهون».
كيف لنا أن نتصدى لهذه الحرب دون اتخاذ قرار بالمواجهة «الإعلامية» مع إيران؟
من أقنعنا أن التصدي لإيران يعني بث «سموم الطائفية» هو كمن نشر تهمة معاداة السامية لكل من انتقد يهودياً، حتى منحهم حصانة تجعلهم فوق مستوى النقد وإن ارتكبوا الجرائم، فكل منتقد لجريمة ارتكبها يهودي هو معاد للسامية بتلقائية، إلى أن سكت الجمع والتزموا الصمت خوفاً لا اقتناعاً، وكل منتقد أو كاشف للمجموعة الإيرانية هو مؤزم وهو هادم للوحدة الوطنية وشق الصف!!
هذا هو حالنا في البحرين، اقتنعنا أن من يدعو لمواجهة إيران والتصدي لحربها هم فئة مستفيدة «تتنفع» من استمرار هذه المواجهة! وكأن إيران توقفت عن حربها حتى نتمنع نحن عن مواجهتها!
تصدينا لحرب إيران علينا واجب وطني وفرض عين لا يجب أن نتخاذل أو نتهاون فيه، وإن أردنا أن نحقق الوحدة الوطنية ونعززها لنقوي الجبهة الداخلية ونجعل مواطني البحرين شيعة وسنه وبقية المذاهب والملل يقفون صفاً واحداً مواطنين بحرينيين لا يفرق شملهم عدو أجنبي، كلهم قلباً وقالباً مستعدون لحماية وطنهم والتصدي لتلك القنوات الفضائية وما تبثه من سموم، لا بد من سياسة إعلامية تدفع باتجاه تعزيز الوحدة الوطنية تصاحبها سياسة إعلامية تواجه وتعزل «المجموعة الإيرانية» دون غيرها، بالمكاشفة والمصارحة تجاهها.
إن أردنا أن نكون خطاباً لتعزيز عروبة البحرين التي كانت وستبقى عربية بشيعتها وبسنتها، وللتأكيد على وحدة شعب البحرين الذي كان وسيبقى صفاً واحداً لا بد من فتح النقاش والحوار ورفع السقف في جميع وسائل الإعلام البحرينية، لتحقيق المعادلة السياسية.
المواجهة بكشف الحقائق وبالمصارحة لن تقف حجر عثرة أمام السياحة والاقتصاد والانفتاح، ولن يقف أمام الوحدة الوطنية الخطاب الواضح تجاه إيران ومن يساندها.
لا نريد أن نكون كالنعامة فنظن أننا انتهينا من إيران ومن مجموعاتها حتى نفاجأ بمن هاجم السجن قد هاجم مواقع أخرى أكثر حساسية وخطورة.