لعل كثيراً منا مازال يذكر الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن في عام 2002 إذ وصف كلاً من العراق وإيران وكوريا الشمالية بـ«محور الشر» على خلفية الاعتقاد بامتلاكهم أسلحة الدمار الشامل التي من شأنها تهديد الاستقرار الدولي. أما اليوم فقد ظهر للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها محور شر جديد في الشرق الأوسط «الكبير»، حسب قراءة أوردتها صحيفة «التايمز» البريطانية، إذ يتألف المحور من سوريا وإيران وروسيا.
وأحسب دول الخليج العربي متوافقة مع وجهة نظر الصحيفة البريطانية تلك، لاسيما في ظل التخطيط الأخير من قبل أطراف «محور الشر الجديد» لمرحلة ما بعد حلب، والتي تمثلت بوضوح من خلال الدعوة لمؤتمر يجمع المعارضة السورية في كازاخستان من خلال إعلان موسكو الذي تردد حوله محاولاته إرساء حالة جديدة بعيدة عن المجموعة الدولية لدعم سوريا أو الأمم المتحدة. وفي هذا السياق لعل أهم ما يستوقفنا كون إيران عمود بيت الشر في كل المحاور، ناهيك عن كون المنطقة العربية الشرق أوسطية آخذة في الانقسام لمعسكرين على طرفي نقيض، في مقابل «محور الشر» الجديد يأتي «محور الخير» المتمثل بدول الخليج العربي التي لطالما سعت لإصلاح المنطقة وإرساء دعامات الأمن والسلام فيها، كما أسهمت في دعم واستقرار دول عدة، وهو ما فعلته المملكة العربية السعودية بمبادرتها لحلحلة الخلاف في سوريا من خلال «مؤتمر المعارضة السورية» الذي ترأسه د.عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث.
يبقى في ظل هذا المعترك والتحولات الراهنة للرئاسة الأمريكية بين عهدين، فبينما تعامل أوباما مع «محور الشر» بذل وضعف مريب أسفر عن استقوائه وجبروته اللعين، تبقى كل العيون محملقة فيما ستحمله أيام ترامب من إصلاحات أو نكبات، وكيف ستكون علاقته مع «محور الشر» في ظل الموقف الأمريكي التاريخي من روسيا، وموقف إدارة ترامب من إيران، واللذين قد يحملان من البشرى لدول الخليج العربي والأمل لما يفتحه من آفاق من شأنها حلحلة الوضع الراهن، فضلاً عن تفكيك هذا المحور.