من يقرأ المقابلة التي أجراها مراسل RT في طهران مؤخراً مع العميد حسين دهقان وزير الدفاع الإيراني وتحدث فيها عن الأزمة السورية وخاصة الوضع في حلب يعتقد أن دهقان هو وزير الدفاع السوري وليس الإيراني! فالطريقة التي كان يجيب بها عن الأسئلة وإجاباته تشعر القارئ بأن إيران هي التي تحكم سوريا وليس نظام بشار الأسد وإن استبسل في الدفاع عنه. ففي رده على سؤال عن دعوة وزير الخارجية التركي إلى أن يشمل وقف إطلاق النار في سوريا «حزب الله» أيضا ومطالبته بوقف تقديم الدعم له لضمان وقف إطلاق النار مستقبلاً في سوريا وما إذا كانت طهران ستقبل بهذا الأمر قال دهقان «أعتقد أن على الأتراك الإجابة على سؤال هام قبل أن يكون لديهم طلباً من هذا القبيل، هل كان دخولهم إلى الأراضي السورية بطلب من الحكومة السورية؟ أم كان بقرار أحادي من جانبهم؟ إذا كان بطلب من الحكومة السورية فيجب أن يخرجوا من هناك بمجرد طلب الحكومة السورية.. فيما عدا ذلك، فهم معتدون، ولا يمكن للمعتدي أن يقرر نيابة عن الآخرين (...)».
رد جميل وحاسم، لكنه يقبل من مسؤول سوري وليس من إيراني يفترض أنه لا علاقة له بالأمر! أيضاً قوله «أعتقد أن وزير الخارجية التركي بدلاً من أن يتهرب من أخطاء حكومته عليه أن يتحمل المسؤولية ويرى لماذا تسببوا بكل هذه الأزمات في سوريا، لو أنهم لم يرتكبوا الأخطاء في سوريا منذ البداية، لما اضطروا اليوم لإصلاح خطئهم بخطأ آخر».
ولولا بقية من حياء لقال إن على الأتراك الخروج من سوريا إذا طلبت طهران منهم ذلك، وليس دمشق. والأمر نفسه فيما يتعلق بالسعودية حيث زعم أن «السعودية لا يمكن أن تشارك في تسوية الأزمة السورية» وموفراً سبباً مضحكاً حيث قال «السعودية ليس لها حدود مع سوريا» ناسياً أن إيران ليس لها حدود أيضاً مع سوريا. وأيضاً أكاذيبه التي قال فيها إن «السعودية لا تلعب ذلك الدور الذي يؤهلها للمشاركة في المفاوضات».
طبعاً من قبيل الضحك على الذقون قول دهقان إن «روسيا وإيران دخلتا سوريا بطلب رسمي من الحكومة السورية الشرعية المنتخبة، ذهبنا هناك لتقديم الدعم إلى الحكومة، وفي أي وقت رأت الحكومة السورية أنها لم تعد بحاجة إلى قواتنا فلن تكون هناك ذريعة للبقاء»!
لنتأمل في هذا القول أيضاً لدهقان رداً على سؤال عما إذا كانوا يعتبرون السعودية داعمة للجماعات المسلحة حيث استمر في سرد أكاذيبه فقال «هم يسعون إلى قلب نظام الحكم في سوريا، والذين يسعون إلى ذلك لا يمكن التفاوض معهم، بل ينبغي الرد عليهم وبشكل حازم، والآخرون كذلك». فهل يعقل أن يتحدث وزير إيراني نيابة عن سوريا وباسمها؟
هنا مثال ثالث يبرز العنجهية الإيرانية، فقد قال دهقان في المقابلة أيضاً «في حال قبلوا بوحدة سوريا وبرئاسة بشار الأسد والنظام السياسي الحاكم حالياً، عندها يمكن للمعارضة الجلوس إلى طاولة الحوار مع النظام الحاكم في سوريا كي تقدم مطالبها ويمكن التوصل إلى نقاط يمكن الاستناد عليها لإعادة الأمن والاستقرار ومتابعة العملية السياسية.. أن يجلسوا ويكتبوا دستوراً جديداً أو يعملوا على إجراء إصلاحات معينة، وحتى خوض انتخابات حرة ونزيهة يمكن للجميع فيها أن يقدم نفسه للترشيح برئاسة سوريا.. أما أن يأتوا ويقولوا إنه يجب على بشار الأسد أن يترك السلطة، فهذا هراء. الشعب السوري هو من يقرر، وهذا «التدخل الأجنبي» لن يسهم في تسوية الأمور بل يعكر الأجواء»!