الكلمة التي ألقاها وزير شؤون الإعلام علي بن محمد الرميحي أمام الدورة الحادية عشرة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام التي عقدت أخيراً بمدينة جدة تحت عنوان «الإعلام المتجدد في مواجهة الإرهاب والإسلاموفوبيا» تضمنت العديد من العبارات المهمة التي عبرت عن «استشعار البحرين بالتحديات التي تستهدف الأمة». من تلك العبارات «إن البحرين طالبت مراراً وتكراراً بضرورة التصدي لخطابات التحريض والكراهية والإساءة سواء من الداخل أو الخارج»، و«ضرورة تبني أدوات مبتكرة لتطوير دور وسائل الإعلام الوطنية لمواجهة تلك الحملات المغرضة التي تستهدف الإسلام والمسلمين»، و«أهمية تدعيم المشروعات الإعلامية المشتركة»، و«أهمية متابعة تنفيذ الاستراتيجية الإعلامية لمنظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإسلاموفوبيا»، وكذلك الدعوة إلى «إقرار ميثاق شرف إعلامي إسلامي ملزم لتجريم خطابات التطرف والكراهية والتحريض على الإرهاب»، وكذلك «اتخاذ الإجراءات القانونية والفنية لوقف بث القنوات الفضائية المسيئة، والمثيرة للطائفية والكراهية، ومنع إساءة استغلال التقنيات الحديثة، كمنصات للجرائم الإلكترونية».
أهمية الكلمة تكمن أيضاً في قول الوزير إن «ما تتعرّض له عدد من الدول العربية والإسلامية من أعمال إرهابية وبدعم خارجي أفقد العديد منها مقومات الدولة المدنية والوطنية وبدوافع طائفية وتحريض على الكراهية عبر وسائل إعلام وعبر تصريحات إعلامية بغيضة نستمع إليها يومياً.. تحمّل مؤتمركم هذا الكثير من المسؤولية، فالمحافظة على الوسطية وديننا العظيم لن يتم إلا بمحاربة رعاة الإرهاب»، وهي فقرة تلخص كل ما يجري في العالم وفي المنطقة على وجه الخصوص من أحداث وتطورات، وتبين أسبابه ومن يقف وراءه، والنتائج المتوقعة منه إن استمر الحال على ما هو فيه، فالأعمال الإرهابية هي في كل الأحوال نتيجة لتوفر دوافع طائفية وتحريض على الكراهية يتم من أجل تحققها استغلال مختلف وسائل الإعلام، وخصوصاً تلك المعينة على التواصل الاجتماعي والمتوفرة بسخاء ومن دون مقابل، حتى صارت كل التصريحات تستقر في آذان الناس وهم في بيوتهم فتشعل قلوبهم وتشغل عقولهم وتدفعهم لارتكاب أعمال لا يمكن وصفها إلا بالحماقات لأنهم لا يعرفون ما يجري ولا لماذا يجري ولا ينتبهون إلى أنهم إنما تحولوا إلى أدوات يتم رميها بعد حين.
أهمية هذه الفقرة أيضاً تكمن في تأكيد البحرين على أن ما يجري يحمل المؤتمر الكثير من المسؤولية، على اعتبار أن من واجبات المشاركين فيه، جهات وأفراداً، المحافظة على الوسطية التي تستدعي محاربة رعاة الإرهاب. وكمثال على كل هذا اهتمت الكلمة بلفت الانتباه إلى ضرورة عدم الاكتفاء بإدانة محاولة الاعتداء الإرهابي الآثم على حرمة بيت الله الحرام من قبل الميليشيات الانقلابية في اليمن، باعتباره تصعيداً خطيراً ينتهك كل المبادئ الدينية والإنسانية والأخلاقية» وإنما رفضه ورفض أي انتقاص لجهود المملكة العربية السعودية الشقيقة التي تقود التحالف العربي والإسلامي لمحاربة التطرف والإرهاب، ذلك أن ما تقوم به الشقيقة الكبرى هو أنها لا تكتفي بتجريم خطابات التطرف والكراهية والتحريض على الإرهاب ولكنها تعمل على منعها بمحاربتها بكل الوسائل الممكنة، بدليل أنها قادت التحالف العربي بعد أن دعت إليه، وبدليل أنها لم تعتبر أن تلك الخطابات تنتج في اليمن أو ينتجها الحوثيون فقط، فرفعت الراية لمحاربة كل التطرف وكل أفعال الكراهية وكل تحريض على الإرهاب أياً كان مصدره، وأياً كانت ساحته.
المؤسف أن خطابات الكراهية كثيرة وتتكاثر بطريقة صار يصعب تفسيرها وتفسير تمكن من يقف وراءها من تحقيق نجاحات لافتة، يؤكد ذلك الأعمال الإرهابية التي تنمو بشكل لافت أيضاً وغريب، ويؤكده ابتعاد الكثيرين عن الوسطية حتى بدا التطرف هو الأساس والطبيعي. من هنا تأتي أهمية ما دعت إليه البحرين عبر تلك الكلمة.