استضافت مملكة البحرين قبل أيام الدورة الـ»37» للمجلس الأعلى لمجلس التعاون «قمة الصخير»، وتأتي أهمية هذه القمة بسبب الخطوات الفعالة التي اتخذت تنفيذاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيزآل سعود وكذلك لتعزيز التعاون العسكري والأمني بين دول المجلس. فبالنسبة للمجال العسكري والأمني، افتتح حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في شهر فبراير الماضي مبنى مركز العمليات البحري الموحد، الذي ينضوي تحت القيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون. ورعى جلالته حفظه الله التمرين الأمني المشترك «أمن الخليج العربي 1»، والذي استضافته مملكة البحرين مؤخراً بمشاركة قواتٍ أمنيةٍ خليجية. وشهدت منطقة حفر الباطن بالمملكة العربية السعودية تمرين «رعد الشمال»، الذي شاركت فيه دولٌ عربية وإسلامية. وتعتبر النقلة المهمة في هذا المجال والتي أبرزت من خلالها تلك القوات جاهزيتها وقدراتها القتالية رسالةً واضحة للدول والقوى المعادية لدولنا. وفيما يخص رؤية خادم الحرمين الشريفين فإنه وبالرغم من أن هذه الرؤية الحكيمة تناولت مسائل عدة، إلا أن المسائل ذات الطابع الاقتصادي أخذت حيزاً وافياً، وهذه الرؤية لا تعزز مكانة مجلس التعاون كقوةٍ سياسيةٍ فحسب بل أيضاً كقوةٍ اقتصادية. فقد أصبح العالم ينظر إلى مجلس التعاون كقوة وليس كمنظمة، وأصبحت هناك شراكات استراتيجية مع الدول والتجمعات السياسية والاقتصادية. وقد اجتمع قادة دول المجلس خلال العامين الماضيين مع كلٍ من العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي. كما أن وزراء الخارجية بدول المجلس يجتمعون بشكلٍ دوري مع نظرائهم في الدول والمنظمات الإقليمية كالولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي. وقد دعت رؤية خادم الحرمين الشريفين إلى «استكمال ما تبقى من خطوات لتنفيذ السوق الخليجية المشتركة، بتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس». وتعتبر الاتفاقية المذكورة من أهم الاتفاقات المبرمة بين دول مجلس التعاون بعد النظام الأساسي للمجلس، ولا أبالغ إن قلت بأن تلك الاتفاقية هي جزءٌ لا يتجزأ من النظام الأساسي حيث إنها تشتمل على أحكام تخص التعليم والبحث العلمي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي والاتحاد الجمركي والملكية الفكرية. كما دعت رؤية خادم الحرمين الشريفين إلى سرعة تأسيس الهيئة القضائية الاقتصادية. وأشعر بالفخر لكوني أحد الذين قاموا بإعداد النظام الأساسي للجهاز القضائي المذكور والذي اعتمده أصحاب الجلالة والسمو في قمتهم التشاورية قبل عدة أشهر. وتعد هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية التي شكلت بقرارٍ من أصحاب الجلالة والسمو في قمتهم التشاورية ترجمةً لرؤية خادم الحرمين الشريفين حيث تختص الهيئة بمتابعة تنفيذ القرارات والاتفاقات وأنظمة مجلس التعاون التي من شأنها أن تعزز التكامل بين دول المجلس لاسيما في المجالين الاقتصادي والتنموي، والنظر في الموضوعات التي تحال إليها من قبل المجلس الأعلى. وقد عقدت الهيئة اجتماعها الأول في الرياض خلال الشهر الماضي، حيث ترأس وفد مملكة البحرين سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية. وقد حددت الهيئة عدة أولويات من بينها، المراجعة الشاملة للسياسات الاقتصادية والتنموية لمجلس التعاون، والاهتمام بالمواضيع ذات الصلة بالشأن الشبابي بما في ذلك دعم رواد الأعمال من الشباب. وقد سررنا كثيراً بتدشين إذاعة «هنا الخليج العربي» في البحرين مؤخراً، ونأمل أن تكون هذه الإذاعة واجهة إعلامية قوية لمجلس التعاون وقلباً نابضاً لشعوب دول المجلس.