لمست الأجواء الحماسية الشعبية لاستضافة مملكة البحرين للقمة الخليجية، والتفاؤل الغامر في نفوس النخب الفكرية والسياسية حول المخرجات المرتقبة من هذه القمة، كما شهدت الإجراءات الرسمية لاستقبال الوفود المشاركة وأنا في مطار البحرين الدولي قبيل انعقاد القمة بيوم واحد خلال عودتي من الدوحة. ذهلت بحجم المسؤولية التي تحملها النخب الخليجية الفكرية عندما تواجدت -فور وصولي البحرين- في مركز الإعلام المخصص لتغطية القمة للتعليق على معطيات تلك اللحظة التاريخية المهمة وحيثياتها. ورأيت رأي العين كم أن تلك النخب تتوافد على مراكز الإعلام حاملة لواء الخليج العربي ومستبشرة بما هو آتٍ، لامست عن قرب حجم التعويل الشعبي على قادة دول مجلس التعاون والثقة العالية بهم، حفظهم الله، فضلاً عما وجدته من استبسال إعلامي في موسم لم يهدأ فيه لإعلاميي الخليج العربي بال، أو يرف لهم فيه جفن، بينما هم في غمرة العمل الجماعي الخليجي المشترك، تفصيلات صغيرة كان يتراقص أمامها القلب قبل البدن!!
وجاء في افتتاح القمة الخليجية ليكون للكلمات في قلبي وقع وصدى، إنها كلمات من الخطاب السامي لجلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة، إذ أشار جلالته إلى حفظ المكتسبات للمواطنين الخليجيين وتثبيت الأمن الإقليمي. هذه الكلمات التي اختزلت لنا صورة بانورامية لمسيرة إنجازات مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تاريخه منذ انطلاقته في عام 1981 حتى اللحظة التي نكون فيها قد طوينا ما تجاوز ثلاثة عقود ونصف من عمر المجلس.
ولعل ما حققه مجلس التعاون لدول الخليج العربية من مكتسبات لمواطنيه الخليجيين جمة ويصعب حصرها في مقال مقتضب، ولكني أعرّج في أسطر معدودات على اعتماد التنقل بين البلدان الخليجية باستخدام بطاقة الهوية، مروراً بالمواطنة الاقتصادية وحركة التجارة والاتحاد الجمركي وتوحيد الأنظمة. هذا فضلاً عن الإنجازات الخليجية المتحققة في قطاعات التنمية والشباب والرياضة والمواصلات والربط الكهربائي.
أما على المستوى الخارجي فقد تمكن الخليج العربي من تثبيت الأمن في الجوار الإقليمي بالتدخلات الناجحة في لعب دور سياسي في الأزمات السياسية في كل من سوريا وليبيا والعراق، والدخول في اليمن بعاصفة الحزم، هذا فضلاً عن التآزر الخليجي الذي يثلج الصدور على المستوى العسكري والمتحقق بدخول عناصر قوات «درع الجزيرة» للبحرين ليكونوا جداراً منيعاً في صد أي اعتداء قد يقع على مملكة البحرين أو تهديد أمني مرتقب، بعدما مدت إيران أصابعها العابثة للداخل البحريني في وقت مضى.
* اختلاج النبض:
صدقت سيدي.. كان هناك رقي في عمل المجلس لا يراه إلا الخبير، وكان تثبيت الأمن في الجوار الإقليمي من أبرز وأنجع الخطوات المشتركة في دول مجلس التعاون الخليجي لحفظ أمن واستقرار المنطقة في مرحلة أصبح فيها الأمن أولوية.