تنطلق اليوم الثلاثاء القمة الخليجية التي تعقد في المنامة وهناك تطلعات كثيرة وآمال كبيرة من قبل الشعوب الخليجية أن تخرج هذه القمة بما تتطلع إليه من الإعلان عن الاتحاد الخليجي.
أقاويل كثيرة منتشرة ما بين أن تشهد هذه القمة إشهار الاتحاد الخليجي بين عدد من الدول، وما بين أن تؤجل هذه المسألة وأن تخرج بخارطة طريق لإشهار الاتحاد الخليجي لاحقاً، ومن أكثر الأقاويل المنتشرة أن الاتحاد مبدئياً سيكون بين ثلاث دول هي السعودية والبحرين وقطر، وهناك أقاويل أخرى ترى وجود اختلاف في الرؤى والاتجاهات حول مسألة كيفية الاتحاد الخليجي وصياغة تفاصيله، وكل هذه الأقاويل لا تتعدى حيز الافتراضات التي قد تصيب أو تخطئ، إنما ما تكشفه أن الأمل كبير من قبل الشعوب الخليجية وهناك إلحاح شعبي متواصل في أن تهرع قيادات دول الخليج إلى إشهار الاتحاد الخليجي عاجلاً وليس آجلاً.
والسؤال الذي ينبغي أن يطرح قبل الشروع في تداول فكرة الاتحاد الخليجي، ما الذي يريده المواطن الخليجي من هذا الاتحاد؟ ما أهم المكتسبات التي ستعود على الشعوب الخليجية قبل قياداتها من جرائه؟ هل هي مكتسبات شكلية أو مكتسبات بعيدة المدى تعتبر كصمام أمان بحيث يكون الحجر الأساس لهذا الاتحاد تعزيز الأمن الداخلي والخارجي وهل هناك مكتسبات سيلامسها المواطن الخليجي بشكل مباشر بحيث تنعكس على مستوى معيشته مثلاً؟
المعظم متفق اليوم على أن الاتحاد الخليجي يجب أن يبدأ ويقوم على المرتكزات الأمنية وتوحيد القوات الأمنية الداخلية قبل قوات الدفاع الخارجية، ولابد من اشهار مشروع الشرطة الخليجية المشتركة، بحيث تكون هناك قوة أمنية داخلية لمجابهة الخلايا الإرهابية التي من المتوقع أن تكون لها مواسم إرهابية قادمة تنشط من خلالها ونحن هنا لا نقصد فقط عملاء إيران بدول الخليج إنما أيضاً التنظيم الذي يسمى «داعش»، والذي لم يعد خافياً على الجميع أن إيران هي الداعم الخفي والمؤسس لهذا التنظيم على أرضها، وأن التأخر في مشروع الشرطة الخليجية يعني ظهور خلايا إرهابية ذات مسميات مختلفة شكلياً فيما بالأصل هي تأتي من نفس المنبع والعدو!
تأسيس وإشهار الشرطة الخليجية يعني إيقاف استنزاف الجهود الأمنية الفردية في كل دولة خليجية واختصارها فمرابط الخلايا الإرهابية واحدة!
ومن التحديات الأمنية المفروضة اليوم على دول الخليج هي مكافحة الإرهاب بشتى الطرق، إلى جانب التحديات الخارجية القريبة منها كحرب اليمن وتداعياتها عليها، هناك أيضاً تطلعات بأن تخرج القمة بتباحث كيفية أن يخرج الاتحاد الخليجي بمجموعة اقتصادية خليجية فدول الخليج اليوم أمام تغير أسعار النفط أمامها تحدي الحفاظ على البقاء والبحث عن البدائل الاقتصادية والبقاء يعني ألا تكون وحيداً بل متحداً مع غيرك حتى تضمن استمرارك ولربما يكون مستبعداً خطوة إيجاد العملة الموحدة أمام الكثير من التباينات واختلاف الرؤى بين دول الخليج لكن الأمل لا يزال معقوداً بأن تكون هناك خطوات تأسيسية من خلال هذه القمة في فتح آفاق اقتصادية مشتركة.
أهم ما يجب أن يتداول على طاولة القمة الخليجية من وجهه نظر الشعوب الخليجية كما نرى إعلان الاتحاد الخليجي لإيقاف المشاريع الإيرانية في دول الخليج وتحديداً المشاريع التقسيمية لارضنا ولقطع مطامع التهام جزء من الخليج من بعد العراق ولضمان أن يكون الاتحاد قوة إقليمية له وزنه، ويعمل على تغيير المعادلات السياسية من حولنا ولا يمكن إنكار أن هذه المشاريع الإيرانية التدميرية محل اهتمام قادة الخليج وسبب رئيس من أسباب تحركاتهم الجادة نحو الاتحاد مؤخراً.
اليوم الاستهداف الأمني يتجه نحو دول الخليج العربي أولاً وأخيراً قبل أي دول أخرى بل أن المكسب الكبير هو وقوع أنظمتها لذا فدول الخليج العربي تحدياتها الأمنية اليوم تختلف عن تحديات الأمس، وهناك حاجة ماسة للتسابق مع الوقت والحسم في هذه النقطة لأنها قضية مصيرية لم تعد فيها العديد من الخيارات مطروحة.
وينبغي الاعتراف أن مصطلح «دول مجلس التعاون الخليجي» قضى عليه الدهر، وكما قال الدكتور محمد عبدالغفار خلال مشاركته في مؤتمر «الإعلام والهوية الخليجية» أن التعاون هو أضعف نوع من أنواع التنظيم في مفهوم العلاقات الدولية ولابد من تخطيها لمرحلة الاتحاد الخليجي، قمة المنامة الخليجية قد تكون منعطفاً تاريخياً يحسم مسألة الاتحاد وقد يكون بداية غيث أحلام الشعوب الخليجية.