واهم من يظن أن الاحتمالات المتداولة لقيام الاتحاد الخليجي من دون عمان فرصة للتصيّد في الماء العكر من خلال تحليلات سياسية واهية تجافي الصحة، كالقول باستبدال دول الخليج العربي لعمان بالأردن والمغرب، ولعل المتتبع لسياسة الخليج العربي عن قرب يدرك تماماً أن موضوع انضمام الأردن والمغرب إلى دول المجلس قد صعد على الواجهة دون استثناء عمان أو استبعادها فهي عضو أصيل في المجلس وشريك في صناعة مثل هذه القرارات.
أما مسألة الدعوة لقيام الاتحاد الخليجي، فقد جاءت نتيجة لاستشعار دول الخليج بالتهديدات الخارجية المشتركة التي تجمعها والتي يأتي في طليعتها التهديدات الإيرانية، وقد طرحت على طاولة النقاش لتحوّل الدول الست معاً إلى الاتحاد دون استثناء أي منها، صحيح أن الدول الخليجية تختلف بينها وبين بعضها أحياناً إلاَّ أن هذا حال الأشقاء، واختلاف وجهات النظر لن يكون سبباً في مفسدة العلاقات التاريخية والراسخة التي تجمع دول الخليج العربي. غير أنه عندما طرح مقترح الاتحاد الخليجي ورغم الموافقة المبدئية من قبل الدول الخليجية الخمس، ارتأت عمان أن ذلك السبب لا يتماشى مع سياستها الخارجية ومصالحها الوطنية في المنطقة فرفضت المشاركة في قيام الاتحاد مع حفظ الود.
ورغم ما يعتري العلاقات الخليجية الإيرانية من توتر، وما تشكله إيران من تهديدات لدول الخليج العربية سياسياً وأمنياً واجتماعياً، إلاًّ أن تسامح مسقط في علاقاتها مع إيران مفهوم ومقدر من صانع القرار السياسي الخليجي، فدول الخليج الخمسة الأخرى محايدة وليست منحازة، ولكن فقدان عُمان - لهذا السبب أو لغيره - ليس مطروحاً بين الخيارات المستقبلية القادمة، كما لا يمكن تجاوز حقيقة أن عمان جزء من البيئة الاستراتيجية الخليجية، واستثناءها خارج الخريطة الخليجية أمر لا يمكن أن يقول به من يفهم في الجيوستراتيجية، ثم أن الأكثر أهمية من كل هذا أنه وبمعزل عن العلاقات الرسمية بين دول الخليج العربي تبقى الروابط الشعبية من صداقة ودم ومصاهرة أقوى من أن يفرق شملهم شاردة سياسية أو واردة اختلاف في الرأي، ويبقى أن القهوة الخليجية لا تحلو إلاَّ بالحلوى المسقطية.
* اختلاج النبض:
لعلنا لا يمكن أن ننكر الشعور العماني الحاد بأولوية المصلحة الوطنية في الداخل العماني، لاسيما من قبل بعض المشاركين في صناعة القرار السياسي، لكننا على يقين بأن السلطان - أطال الله في عمره - خليجي وحدوي، وهو من النماذج البارزة التي شهدت المرحلة التأسيسية لقيام مجلس التعاون الخليجي عام 1980، بل أنه الوحيد الباقي من الآباء المؤسسين، حاملاً الأمانة للأجيال القادمة.