ما هو السيناريو المتوقع للعلاقات البحرينية - الأمريكية؟ هل ستكون علاقات مستقرة؟ أم علاقات متذبذبة؟ أم قد تشهد مواجهات مرتقبة؟
بداية فإن العلاقات البحرينية - الأمريكية لا يمكن أن تخرج من سياق العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، وعليه فإن ما يمكن أن يطرأ على العلاقات الثنائية من الضروري أن يتأثر بالسياق الخليجي دائماً، ولا يمكن فصله عنه أبداً.
تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب خلال الفترة الماضية تعتمد على أسلوبين، الأول مغازلة دول مجلس التعاون وإرسال إشارات برغبته في الحفاظ على علاقات جيدة «مشروع الحلف العسكري الأمريكي - الخليجي الذي أعلن مؤخراً مثالاً»، والأسلوب الثاني هو التهديد بضرورة تحمل هذه الدول الفاتورة والكلفة المالية للدور الأمريكي المستمر لحماية أمن الخليج العربي.
المزاوجة بين هذين الأسلوبين لا تعكس رغبة واضحة لدى الإدارة الأمريكية الجديدة بأن العلاقات مع دول مجلس التعاون علاقات مستقرة أو يتم إصلاح ما شهدته من تخريب مقصود في السنوات الأخيرة. بل تعطي مؤشراً أكيداً بأن العلاقات بين الطرفين لن تكون مستقرة أبداً، بل ستكون متذبذبة بشكل لافت.
أوضحت في كتابي الأخير «الخليج بدون الأمريكان» ما يقوم عليه سيناريو العلاقات المتذبذبة في العلاقات الخليجية - الأمريكية. حيث يعتمد هذا السيناريو على استمرار الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي، ما يعني استمرار النفوذين السياسي والاقتصادي، ولكن الأهم فيه انعدام الثقة في العلاقات الخليجية - الأمريكية، وبالتالي سيشهد تذبذباً في العلاقات التي قد لا تخلو من أزمات من وقت لآخر، وكذلك مواجهات قد تكون غير تقليدية.
الأزمات بين الطرفين ستزداد بقدر نزعات التطرف التي يمكن أن تظهر في السياسة الخارجية الأمريكية خلال حكم ترامب، وقد تكون هذه الأزمات سياسية واقتصادية وأمنية وإعلامية، وهي أزمات مرّت على هذه العلاقات خلال سنوات الفتور إبان حكم أوباما.
عقب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية التقيت مجموعة من الباحثين الأمريكيين يمثلون الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ودار حديث مطول حول التحول الذي يمكن أن يطرأ على سياسة الولايات المتحدة بعد الانتخابات، كان الحديث بالنسبة لهم معقداً، والآراء بينهم متضاربة، وهم يؤكدون أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض مفاجأة، وأنه قد يكون بداية تغيير تاريخي في السياسة الأمريكية يماثل التحول الذي طرأ على أمريكا الانعزالية بعد بيرل هاربر.
الانتظار لن يطول لمعرفة تفاصيل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، والبحرين خصوصاً، لكن الأهم من ذلك ضرورة أن تحدد دول المنظومة الخليجية أولوياتها في العلاقات مع واشنطن، وتحدد أهم الفرص والتحديات.