طفل لم يتجاوز عمره السنوات العشر، لكنه مهتم بإبداء رأيه وأذهل محدثه قائلاً: «ستبدأ الحرب قريباً»!
ـ أي حرب تقصد؟
ـ الحرب بيننا وبين أمريكا.
ـ ومن أنتم حتى تحاربكم أمريكا؟
ـ ألم تسمع ما حدث في أمريكا لقد فاز ترامب، وهو يرغب في محاربة المسلمين.
كان الحوار القصير جداً مفاجئاً للغاية بعد أقل من ثلاثة أيام من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية. هذا الطفل طالب بحريني في مدرسة خاصة لم يتحدث معه والداه حول الانتخابات، لكنه تابع تفاصيلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي بنفسه، واطلع عليها دون طلب من أحد حتى كوّن قناعاته وصار مؤمناً بأن الرئيس الأمريكي المنتخب سيعمل ضد المسلمين ومصالحهم حول العالم.
يفتح لنا هذا الحوار الحديث حول العلاقات البحرينية - الأمريكية مع اقتراب موعد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب عرش البيت الأبيض يناير المقبل. هذا الحدث المهم سيكون مختلفاً على صعيد مسار العلاقات الثنائية بين البلدين تاريخياً، وهي العلاقات التي شهدت تحولات دراماتيكية انتهت فيها الثقة السياسية بين الطرفين، حتى صار ما يظهر عبر وسائل الإعلام مجرد مجاملات سياسية لا أكثر.
نبدأ في هذه السلسلة تقديم أطروحات متواضعة حول المسارات المحتملة للعلاقات البحرينية - الأمريكية بعد فوز الرئيس المنتخب بعرش واشنطن. نحاول فيها بداية معرفة أبرز التحولات المرتقبة في النظام الدولي، ومنظور الجمهوريين للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ومنظورهم للعلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، وصولاً إلى العلاقات البحرينية - الأمريكية، وتحديد أبرز القضايا الشائكة التي تعتريها، وكيف يمكن أن تكون رغم ارتباطها بشكل وثيق مع السياسات الخارجية الخليجية تجاه الولايات المتحدة.
نحاول أيضاً البحث عن إجابات يمكن أن تفسر لنا الكثير من الأسئلة التي تدور لدى الرأي العام، مثل: هل يعد فوز الرئيس المنتخب ترامب في صالح دول مجلس التعاون والبحرين أم كلا؟ هل ستقوم الإدارة الأمريكية الجديدة بمواصلة دعم الجماعات الراديكالية في الشرق الأوسط من أجل إعادة تشكيل خريطة المنطقة من جديد؟ هل سيزداد تقاربها مع إيران؟ وهل سيكون لها دور فاعل من أجل إنهاء الصراعات القائمة في المنطقة، وخصوصاً الصراع في العراق وسوريا؟ باختصار هل سيسود السلام في الشرق الأوسط أم ستزداد الصراعات صراعاً؟
ننتقل إلى البحرين، حيث تزداد الأسئلة تعقيداً وغموضاً، هل ستعود الثقة إلى العلاقات البحرينية - الأمريكية؟ وهل سيتواصل دعم البيت الأبيض للجماعات الراديكالية التي تورطت في المحاولة الانقلابية الأخيرة؟ وهل ستستخدم السياسة الأمريكية ملفات حقوق الإنسان والحريات المدنية من أجل الضغط على حكومة البحرين؟ وهل هناك فرص لإعادة فرض حظر سياسي على تصدير الأسلحة للمؤسسات العسكرية والأمنية البحرينية؟
تلك نماذج من الأسئلة التي نحاول الإجابة عليها في هذه السلسلة من أجل إعادة فهم أعمق للتحولات المحتملة في العلاقات البحرينية - الأمريكية قريباً.