حينما يكون لديك شيء «مكسور»، أياً كان، إلى من تتجه لتصلحه؟!
ستتجه بالضرورة للمختص في إصلاح هذا الشيء، من يملك المعرفة والخبرة والمهارة، وإن كنت تريد أن تصلح هذا الشيء وتضفي عليه أيضاً ميزة إبداعية، ومستوى فارقاً، فإنك ستتجه للمبدع في عمليات الإصلاح، وعندها ستكون لديك نتيجة مذهلة بالتأكيد.
في الآيات القرآنية هناك مضادات لغوية سيقت لبيان حالات بشرية، يفترض أن يحرص الإنسان على أن يكون ضمن تصنيفاتها الإيجابية، ولعل أبرزها تضاد مصطلح «المفسدون» وهم «المصلحون».
الله يحب من عباده أن يكونوا مصلحين في الأرض، ويحذرهم من نهج الطريق المغاير، حتى لا يكونوا من المفسدين.
وفي كل زمان ومكان، ستجد النوعين، من يفسد في الأرض ومن يصلح فيها في المقابل، وهو الأمر الذي يذكرك دائماً بأن الخير موجود وأن أهله موجودون ليحققوا هذا التوازن.
لنقم بإسقاط ما نقوله على واقعنا، إذ لدينا في مجتمعنا وحياتنا وطبعاً قبلهم في سير عمليات العمل في الدولة أمور كثيرة «مكسورة»، لإصلاحها يتوجب أن نبحث عن «المصلحين» المهرة المميزين، لأن خلافهم لا يمكنهم إفساد ما حصل.
وهنا يخطئ كثير ممن يوردون القول الشهير «إصلاح ما أفسده الدهر»، لأن الدهر أولاً لا يفسد شيئاً بل بني آدم هو الذي يفسد في الأرض للأسف، وقد نهانا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن سب الدهر.
لدينا أمور عديدة مكسورة، على مختلف الأصعدة، ولكم تخيلها وتعديدها، وكل هذه الأمور تحتاج لـ «مصلحين».
إن كنا نتحدث على مستوى الدولة والحكومة، فإن هناك بعض الأمور تعاني من «الكسر»، وأعني بها العمليات والحراك والنتائج في بعض القطاعات، وهي الأمور التي تتسبب في المقابل بتذمر الناس، وزيادة نسبة الانتقاد.
لدينا بين أيدينا توثيق صريح وبالأرقام والشواهد لعمليات «الكسر» هذه، وهنا أتحدث عن ديوان الرقابة المالية والإدارية، إذ المخالفات الواردة فيه كلها تشير لأخطاء وتجاوزات، هي بنفس تفسيرنا أعلاه «عمليات كسر» للعمل الصحيح، وبعض نتائجها تتسبب في «كسر البشر» سواء على صعيد الثقة أو القناعات أو الإيمان ببعض المبادئ.
هذه التقارير فيها «فرص ذهبية»، نعم هي فرص ذهبية إن أحسنا التعامل معها وقراءتها بشكلها المناسب، فصحيح أننا نتحدث هنا عن أخطاء، لكنها أخطاء تستوجب ردود فعل ومعالجات ومساع لإصلاح «المكسور»، وخير من يمكنه إصلاحها ليس الذي قام بـ «كسرها»، بل المصلح الماهر ذي الكفاءة والقدرة على التصحيح.
في بعض القطاعات هناك أمور عديدة «تكسر»، سواء على المستوى الإداري، أو التطوير البشري، أو التخطيط ورسم الاستراتيجيات، وحينما تجد هناك مشكلة، أو استياء لدى الناس، فتأكد أن لديك حالات «كسر» لأمور ينبغي أن تسير بشكل صحيح.
من يصلح لنا «الكسور» بالتالي؟! هل هم من تسببوا بها؟! طبعاً لا، ففاقد الشيء لا يعطيه، ومن تتكرر عليه المخالفات، يثبت بأنه «عاجز» عن التصليح، بل غير مؤمن بالتصحيح.
خير من استأجرت «القوي الأمين»، وهي آية قرآنية لها دلالاتها الإدارية المباشرة، فمن لا يقوى على حمل الأمانة، لا يستحق أن نمضي في التعويل عليه لفعل ذلك، و«إبدال الناس بخير منهم»، هو العلاج الذي شخصه الله في قرآنه، وهو العرف الذي يتفق عليه الإداريون في عمليات التصحيح.
لدينا أمور عدة مكسورة، نعم نعيش في بلد جميلة، لكن طموحنا أن تكون أجمل، وأن تكون ممارساتنا وعملنا ونتاجه، كلها تصل لمستوى الكمال، وأن تحوز على رضا الناس.
بالتالي هي عملية ليست بالسهلة، تلك التي نبحث فيها عن «المصلحين» الماهرين وذوي الكفاءة والقدرة على التصحيح، لكنها ليس مسألة مستحيلة، فبحريننا الغالية تعج بالطاقات القادرة على «جبر» الكسور، فقط لو أعطيناهم الثقة، وقلنا لهم تفضلوا أصلحوا ما أفسده الفاشلون من البشر.