«مصائب قوم عند قوم فوائد»، لا ندري لماذا خطرت على بالنا هذه العبارة ونحن نتأمل حال أمريكا اليوم، وما يحدث فيها من فوضى أمنية وأعمال شغب وتخريب تحمل الكثير من المشاهد التي تبدو مماثلة لازمة البحرين الأمنية 2011.
هذه العبارة ازددنا بها يقيناً وتمعنا ونحن نسمع عن اقتراب إشهار الاتحاد الخليجي والخطوات الجادة للإسراع فيه، أمام ما يعلمه الكثيرون من أن هناك دولاً تسعى «بأياديها وريولها – أي بأياديها وبأقدامها»، كي لا يرى هذا الاتحاد النور، لأنه سيكون ضربة موجعة بالطبع تطيح بالكثير من الأجندات والمخططات المراد بها تفتيت المنطقة العربية ومنطقة الخليج! الكل يعلم أن أمريكا حالها حال بعض تلك الدول، وآخر ما تريده هو قيام الاتحاد الخليجي.
أمريكا ردت إليها بضاعة الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، وركزوا على الأخيرة، ولننظر ما يحدث فيها اليوم من أحداث دامية كانت «تتفلسف» فيها علينا ونحن نتجرع كشعوب عربية وخليجية مؤامراتها في تغيير أنظمة الحكم تحت مسمى حرية التعبير حتى وصلت الحماقة ذروتها لديها، عندما وصفت قتل رجال الأمن لدينا في مملكة البحرين عن طريق القنابل والزجاجات الحارقة «المولوتوف» بحرية التعبير والسلمية! كانت تخبر العالم أجمع أن ما يجري على أرضنا البحرين ليس إرهاباً، وليس خيانة وطن تتم عن طريق تمويلات خارجية خاصة إيرانية، وليست مؤامرة دولية لسرقة حقوق الشعب البحريني وأرضه، وجعلها كما العراق بلداً منقسماً بالطوائف المتقاتلة فيما بينهم، إنما حرية تعبير للمطالبة بحقوق «الخونة» فيما كان الشعب البحريني المتمسك بسيادة وطنه وقيادته، مواقفه تضطهد ولا تبين مطالبه الحقيقية بقطع جذور الإرهاب واقتلاع رموزه وقادته!
عجباً، قتل المواطنين السود في أمريكا لا يعتبر عنصرية أو تطرفاً أو إخلالاً بحقوق الإنسان، كما طالعتنا شاشات التلفاز والمواقع الإخبارية!! لكن لو قتل رجل أمن بقنابل لدينا في مملكة البحرين لزعموا أنه «قتل بدم بارد، والشرطة البحرينية تنتهك حقوق الإنسان» رغم أن الشرطة البحرينية تواجه مثيري شغب يحملون القنابل والزجاجات الحارقة ويسعون لهدم أمن البحرين!! يبدو أن الشرطة الأمريكية والتي لا تتردد في إطلاق النار واستخدام العنف ورمي مسيلات الدموع مرفوع عنها قلم حقوق الإنسان!!
سحل الناس في أمريكا وضرب الشرطة الأمريكية لهم وقتلهم بعنف وهمجية لأجل تفريق المتظاهرين السلميين الذين أرادوا التعبير عن مواقفهم برفض الرئيس الامريكي الجديد - دون ان تكون لهم اتصالات او تدريبات في معسكرات العراق وسوريا وتمويلات خارجية كمثل الخلايا الارهابية لدينا في البحرين - بعيد تمام البعد عن حرية الرأي والتعبير الذي دائما ما تقوم «ماما امريكا» الديمقراطية بتدريسه لنا، عن طريق عملائها الذين ينفذون أجنداتها ومخططاتها في إحداث الفوضى الأمنية على أرضنا، فهكذا يعتقدون، ففي دولنا مسموح لك أن تفعل أعظم من ذلك، مسموح لك أن تتآمر مع أطراف خارجية لتدمير وطنك وتغيير نظام الحكم ولو حاولت الشرطة البحرينية من منطلق واجباتها المهنية ثنيك فقط وإيقافك عن محاولات حرق الوطن وتدميره ستخرج مئات التصريحات التي تستنكر وتدعم إرهابك باسم «حقوق الإنسان»!
الشرطة الأمريكية مهما فعلت ليست عنصرية ولا يجب أن تهتم بحقوق الإنسان وكرامة الناس بقدر ما يهمها الحفاظ على امن واستقرار أمريكا حتى وإن كلفها ذلك قتل متظاهرين سلميين يعبرون عن آرائهم ومواقفهم!! بينما في مملكة البحرين لا يجب أن يمس طرف لأي عميل خائن لا يطالب بحقوقه كمواطن، بل يطالب بأن تحتل البحرين من قبل دول خارجية ويمارس الطائفية والتطرف والتمييز العرقي ويتلقى التمويلات الأجنبية لأجل قتل المواطنين المدنيين الأبرياء ورجال الأمن بالقنابل والمولوتوف ويعطل أوجه التنمية ويهدم الاقتصاد، نعم لا يحق لأي إنسان كان ومهما كان سواء قائداً سياسياً أو أمنياً أو اجتماعياً او حتى مواطن عادي في البحرين الاعتراض على سياسة أمريكا وتدخلها في مملكة البحرين، حتى ولو انشئت لجنة تقصي حقائق دولية فهذا لا يكفي أيضاً فلو جرح إرهابي أو سقط وهو يهم بوضع قنبلة لقتل رجل أمن فهنا يصدر القلق من قبل منظماتها و»دكاكينها الحقوقية»، لأن الخطأ منا نحن لا منه!! ولربما تدور شبهة أننا حاولنا منعه عن طريق الشرطة البحرينية وذلك خطأ كبير يتنافى مع حرية التعبير!! فحرية التعبير لدى أمريكا في البحرين هو وضع القنابل ورمي الزجاجات الحارقة، بينما التعبير في أمريكا يعني أن تصمت ولا تخرج للشارع ولا تتظاهر والا تصرفت معك الشرطة الأمريكية بقسوة قاتلة!!
نتمنى أن تنقل السفارة الأمريكية باسمنا كشعب بحريني، أننا قلقون جداً لما يحدث في أمريكا ونتمنى من الشرطة الأمريكية أن تضبط النفس وتراعي حقوق الإنسان وكرامته، فقد فهمنا من خلال أزمة البحرين الأمنية في 2011، وأمام مسلسل التدخلات الأمريكية في شؤون البحرين الداخلية وتصريحاتهم، حتى وصل الأمر أننا نجد رئيسهم السابق يخلط بين الشأن البحريني والسوري وسفرائهم يعقدون الاجتماعات مع الجمعيات السياسية «الإيرانية التمويل»، وأنه باستطاعتنا أيضاً مثلهم أن نعلق على الأحداث الأمريكية ونتدخل في شؤونهم، بل ونبدي قلقنا ونستنكر ونشجب ونندد ولربما المواطن البحريني البسيط يفهم أن ذلك يأتي لسبب كون أمريكا حليفاً استراتيجياً مهماً لنا وبسبب العلاقات القائمة بيننا وبينهم ولذا هو مرتاح أكثر من المواطن المثقف الذي يدرك أن هذا تعدٍ على سيادة مملكة البحرين وإخلال بمواثيق الأمم المتحدة في التدخل في الشؤون الداخلية للدول!
نحن نؤيد الشعب الأمريكي ونجدد الدعوة معه «لتكن أمريكا آمنة للجميع».