تردد صداها في أعماقي لعام كامل وسيظل.. تركت في نفسي أثراً عميقاً ومنحتني ثقة ومحبة وفخر بـ»العجمان» لا يضاهيهم بها أحد. «ما تنضامين» الكلمة التي قالها لي د.سعد بن طفلة العجمي، العام الفائت عندما التقطت لي صورة بينه وبين ابن عمه «العجمي» لأعلق عليها في حينها قائلة «بين العجمان»، أرجعني قوله لما نسميه بالمضارب - مضارب بني سعد ومضارب بني ياس ومضارب بني عبس وغيرها - ولمفاهيم النخوة والفزعة العربية الأصيلة من «عيال الأجواد» وهم في خليجنا العربي «وايدين» أو على قولنا -أهل البحرين- «وايد».
هنا تكمن الهوية في لهجاتنا المحببة العريقة، في رائحة القهوة والهيل التي تفوح من أمام مدخل البيوت عندما تقبل عليها، وتنثني لتقبل عجوزاً فيأخذك معه أو معها عبق العود والبخور إلى عالم آخر حيث الأجداد الأول، تلك هي الهوية على بساطتها ولكنها قيمة معنوية كبيرة تحملها أينما ذهبت. يحدثني أحدهم من الخليج حول تجربة ابنه المغترب في أمريكا للدراسة وكيف أنه يقيم «العزايم» ويعد «المفطح» أو «المكبوس» لأصدقائه هناك. وعندما يصل «المفطح» وما سواه إلى شقق شبابنا الخليجي في أمريكا تدرك جيداً معنى الهوية.
ولطالما نملك شباباً يحملون تلك الهوية بهذا الثبات والرسوخ الأسطوري، ويعتزون بها في العالم أمام الكم الهائل من الهويات والثقافات الأخرى، يمكنني بكل ثقة أن أقول لبلادنا الخليجية الكلمة التي قالها لي د.سعد، «ما تنضامين» لطالما لك شعب مخلص وفي شامخ يتمسك بالحفاظ على مكتسباتك وأرضك حتى آخر أنفاسه، «ما تنضامين» والحرقة الخليجية حاضرة وقرأتها قبل يومين في قلوب المتحدثين بـ»المنتدى الخليجي الرابع للإعلام السياسي» ورجفة أصواتهم، قرأتها فيما قبل في «الملتقى الخليجي الخامس للتخطيط الاستراتيجي» المنعقد بالبحرين، والذي أعلى لواء المبادرة برفع مرئيات «مجموعة مراقبة الخليج» لقادة دول مجلس التعاون، وبعده في «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثالث» عندما دافع د. فهد العرابي بشراسة عن البحرين وبقية دول الخليج العربي. «ما تنضامين» يا بلادنا الخليجية والحب الوطني والتلاحم بين الشعوب الخليجية قد سكن في الضلوع كما عبر عنه الفنان غانم السليطي أمس الأول، «ما تنضامين» وأنت تملكين كفاءات وعقول رزينة ذات ثقل مثل د. سعد بن طفلة، «ما تنضامين» ولديك من المبدعين أمثال علي آل سلوم الذي زلزل القاعة بصيحاته الخليجية الاتحادية المدوية، ولطالما لديك آراء ومواقف وأمزجة وحدوية كالتي أشهدها يومياً في «مجموعة مراقبة الخليج» ولمستها مؤخراً في مفردات محمد الحمادي، فيما أشهد الإصرار والإقرار باستمرار بقاء الهوية الخليجية من كوثر الأربش. يا دول مجلس التعاون «ما تنضامين» وعندك شباب يراهن على وحدة الخليج العربي واتحاده ويدفع بكل طاقته نحو مزيد من التألق في سماء الشرق الأوسط، فإن لم تتسع الأرض لأحلام الخليجيين، فسقفهم السماء ولهم أن يحلقوا بها متحدين بكفاءتهم وإمكانياتهم ليقولوا للعالم أجمع «هنا الخليج العربي».!
* اختلاج النبض:
شكراً «معهد البحرين للتنمية السياسية» على طرح موضوع «الهوية الخليجية»، لما يشكله من أهمية في فترة ضاعت من بلداننا الخليجية بعض الولاءات المحلية للخارج، ووجب استعادتها بترسيخ الهوية على كافة أبعادها من جديد.