كما كان متوقعاً لدى الجميع، جاء التقرير السنوي لديوان الرقابة المالية والإدارية لسنة 2015-2016، محبطاً بوجود العديد من المخالفات والتجاوزات الصريحة من قبل بعض الوزارات والهيئات بالدولة، نتيجة هدر كبير للمال العام، رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة بسبب انخفاض أسعار النفط، فتلك المبالغ الطائلة الذي تم هدرها دون وجه حق كان يجب أن تستغل في الكثير من الأمور لخدمة الوطن ومن أجل تقديم خدمات أفضل للمواطنين. التقرير الذي أصاب الوطن والمواطن بـ«الوجع»، كشف أن هناك 9 جهات حكومية تتجاوز مصروفاتها الفعلية 83 مليون دينار، إلى جانب صرف إعانة التعطل التي يتم استقطاعها من المواطنين لدعم «المواطنين العاطلين» لنحو 250 شخصاً غير مستحق، وكان من الأجدر على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن تقوم بصرف هذه الأموال «المكدسة» على العاطلين الذين ينتظرون العمل بفارغ الصبر ويستحقون «بدل التعطل».
ورغم وجود الكثير من العاطلين الجامعيين أصحاب التخصصات الهندسية، فقد بين التقرير أن 80% من الوظائف التخصصية في إدارة الهندسة الزراعية في «البلديات» شاغرة، ومن جهة أخرى قيام «بوليتكنك البحرين» بتحرير 100 عقد توظيف للأجانب دون البحث عن كوادر بحرينية رغم وفرتها، وعلى أعلى مستويات العلم، فهذه الأمور في حد ذاتها تتعارض مع توجهات الحكومة من خلال الدعوات المستمرة والحثيثة بضرورة دعم المواطنين في كافة الأصعدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء المواطنين الشباب العاطلين كافحوا من أجل الحصول على مؤهل جامعي يضمن لهم نيل وظيفة لائقة على أقل تقدير لخدمة الوطن.
جهة أخرى مختصة بـ«القانون» قامت بصرف راتب لمدة 7 أشهر لشخص متغيب عن العمل طوال هذه الفترة، إلى جانب صرف تذاكر طيران للموظفين على درجة رجال الأعمال، ومخالفات في عملية التوظيف، فضلاً عن صرف علاوات غير قانونية، ولذلك أعتقد أن هذه الجهة «استهترت» بشكل غير مقبول ويجب فرض عقوبات على المتسببين في ذلك، في حين أن إحدى الجهات قامت بإعفاء أحد المستأجرين من سداد مبلغ 146 ألف دينار وكأن ذلك ملك خاص لهم وليست أموال الدولة.
التقرير أثبت وبكل وضوح وجود ضعف في الرقابة والتفتيش بسبب وجود 5 موظفين للتفتيش على 95 ألف سجل تجاري «أي أن كل مفتش يتحمل مسؤولية 19 ألف سجل»، وهذا الأمر غير منطقي بتاتاً، كما أن التقرير أكد أن 55% من العمالة غير النظامية تخص سجلات غير مجددة أو ملغاة، إلى جانب ثبوت عنوان واحد مقيد عليه 14 سجلاً تجارياً ولديه 44 تصريح عمل، وكل تلك الأمور تساهم في زيادة نسبة العمالة السائبة في البحرين وسببها وزارات وهيئات رسمية. التخبط بين الوزارات والهيئات أكده التقرير من خلال وجود 410 سجلات تجارية ملغاة لدى «الصناعة» ونشطة لدى «سوق العمل»، وهذا يدل على غياب التنسيق والتعاون بين الجهات ذات العلاقة والتي تتسبب بمثل هذه «الكوارث».
* مسج إعلامي:
متى سيكون لدينا تقرير لديوان الرقابة المالية والإدارية خالٍ من هدر ملايين الدنانير؟