واحد من أكثر الأسئلة التي طرحت علي في أغلب اللقاءات التي تجمعني بالأخوة الخليجيين منذ شهدت البحرين أزمتها في 2011 حتى وقت قريب، «كيف حال البحرين؟ هل أوضاعها الأمنية مستقرة؟»، ولطالما كررت إجابتي المعهودة «البحرين برجالها بخير»، وأعني بذلك رجال الأمن. ولعله حان الوقت لأن أعيد صياغة الإجابة «البحرين برجالها بخير، ولا أحد يعلو على القانون». إن التأمل في البون الشاسع بين الوضع الأمني في تلك السنة والأعوام التي لحقتها، يكشف بجدوى أدوات الدولة في استتباب الأمن، بعد أن حطمت الرموز الوهمية بكسر الخطوط الحمراء، وأصدرت فيهم ما يستحقونه من أحكام حسب القانون، ليلقى كل منهم جزاء فعلته وتلاعبه بأمن البلاد والعباد.
إنه القانون.. قاهر جبابرة الفوضى ونمورها الورقيين، الذين لطالما عمدوا لاستراتيجية الرعب والبروباغندا إلى أن تحطموا على صخرة تفعيله. لقد أثبت الواقع بشكل لا يدع مجالاً للشك أن الجميع سواسية تحت طائلة القانون، وأن ليس هناك ثمة اعتبار للرموز والأصنام، طالما راهنوا على تدمير مستقبل مملكة البحرين وإفساد مشروعها الإصلاحي، وزعزعوا أمنها واستقرارها.
لقد شهدت البحرين مخاوف شعبية عارمة من رموز مبتدعة، وحان وقت مواجهة واقع جديد يخلو من هؤلاء، فالناس لم يستوعبوا بشكل صحيح انقضاء تلك المرحلة إلى غير رجعة، وأن الدعاية الإعلامية الهابطة التي يقوم بها البعض في مواقع التواصل الاجتماعي ليروج لمظلوميته عبر «بروباغندا سوشالية»، لا تعدو على كونها محاولة بائسة ويائسة لجر الشعب لدائرة الرعب والمخاوف، بينما هم في حقيقة الأمر في وضعية المحتضر.
لنلقِ اليوم نظرةً فاحصة على المشهد البحريني العام، أين «الرموز» و»الأبطال» الذين لطالما علوا المنابر متبجحين بكل أشكال الإساءة للبحرين؟! أين عيسى قاسم قبل سحب جنسيته وبعدها؟ إن اختفاء النمور الكرتونيين بالسجن أو بالإقامة «الجحرية»، أو الهرب خارج البلاد، يؤكد تورطهم في فوضى البحرين، مهما عملوا على نفي تلك الادعاءات حول الحراك التخريبي في الشارع. أما قاسم فهو يواجه ضمور التأثير الشعبي وفقدانه لقيمته.
في وقت مضى، كان هناك جملة من الأسئلة الشعبية حول دور وزارة الداخلية في وقف الفوضى في الشارع وضرورة الضرب بيد من حديد، وتساؤل آخر حول المحاكم ومتى ستعمل على تفعيل القانون. وهي أسئلة وطنية مشروعة من قبل كل محب لوطنه، باحث عن استقرار أمن بلده وضمان مستقبل عياله. ولعل ما تحقق من تقويض تدريجي لدور قاسم شعبياً، وتجريده من أدواته التخريبية واحدة تلو الأخرى عملاً باستراتيجية «إضعاف الخصم قبل القضاء عليه»، كان الدور الأفضل الذي لعبته وزارة الداخلية البحرينية مقارنة بحجم تطلعات المجتمع البحريني الذي أراد أن يشفي غليله مما حدث للبحرين في الفترة نفسها.
* اختلاج النبض:
حسناً فعلت وزارة الداخلية الحكيمة الحازمة، التي تعاملت مع أزمة لاعقلانية بمنتهى العقلانية، وتعاطت مع الاحتجاجات بالابتعاد عن الصدام المباشر الذي كان «السامريون» يسعون لجرها إليه، من خلال ضبط النفس وتفعيل القانون.