في العلن، يحاول الروس أن يظهروا بمظهر الملتزم بـ»الصبر الاستراتيجي»، لكن الحقيقة أن صبرهم ينفد، حيث أخذ بوتين بخيار المرتزقة للتقليل من أثر عودة التوابيت. كما يدفعه ضعف القدرة القتالية لجنود الأسد، وعجزه عن التقدم بقواته البرية رغم الدعم الجوي الروسي والميليشيات التي تحارب معه، ويرافقها معظم المرتزقة الروس، فموسكو ترى أن رجال الأسد يفتقدون إلى الكفاءة العسكرية بشدة.
فمن المنابت الإجرامية في روسيا كما تقول «رويترز»، وصول «الكسي ماليوتي» إلى سوريا ليسجل اسمه في 2013 كأول مرتزق روسي يقتل هناك. ومنذ ذلك الحين وهم يقتلون. فقد قتل منذ بداية العام الحالي فقط ما لا يقل عن مائة روسي. ثم ظهر «ديمتري اوتكن Dmitry Utkin»، الشهير باسم «فاجنر Vagner»، كقائد لأكبر وحدات المرتزقة الروس بسوريا، والذي كان من الدفعات الأولى من المرتزقة بسوريا منذ 2013، ليذهب بعدها لمسرح عمليات أوكرانيا 2014، ويعود ثانية منذ 2015 لسوريا. وبجانب قوات الفرقة الرابعة بقيادة «ماهر الأسد» يقاتل الآن المرتزق الروسي «آرسيني سيرجيفيتش بافلوف» قائد «كتيبة سبارطة» المتهم بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. تلك عينات فقط لرجال يصل عددهم إلى نحو 2000 روسي، ويتقاضون 4000 دولار، وقيل 5000 دولار بالشهر، كما يتم تعويض أهاليهم بنحو مائة ألف دولار عندما يقتلون. ويسمون «مقاولين Contractors»، وهو وصف للمرتزقة اخترعته «بلاك وواتر» لتحسين صورتها بعد جرائمها في العراق. أما ثبوت ارتباطهم بموسكو فنزعم ثبوته من المؤشرات التالية:
- وصلوا لسوريا بالطيران العسكري الروسي لقاعدة حميميم، وبالسفن العسكرية لطرطوس.
- يقاتلون بالتنسيق مع القوات والقيادة الروسية في مسرح عمليات سوريا.
- عولج المصابون منهم بالمستشفيات العسكرية الروسية.
- أعيدت جثثهم عند سقوطهم بالطائرات العسكرية.
- منح أهاليهم بعد قتلهم أنواطاً وأوسمة وشهادات موقعة من بوتين، لا تمنح إلا للجنود الروس، حيث كتب فيها، لتضحيتهم من أجل وطنهم.
* بالعجمي الفصيح:
يمكننا القول، براحة ضمير، أن الأسد والروس يملكون سماء سوريا، فيما يملك الثوار معظم الأرض. ولعل تدفق المرتزقة الروس بكثرة أحد مؤشرات قد تُقرأ لصالح هذا التحليل، لذا سيستمر تدفقهم لعدم كفاءة جيش الأسد وأعوانه. ولعدم قيامنا بما يكفي في المحافل الدولية رغم أن القانون الدولي يجرم كل مرتزق وكل من يقوم بتجنيد أو استخدام أو تمويل المرتزقة.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج