هناك الكثير من التصرفات والقرارات غير المفهومة التي تصدر من وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني فيما يتعلق بالاشتراطات الخاصة بالسكن والمنازل، وحين تكلمنا مؤخراً عن تجاهل البلديات لاستقطاع زوايا المنازل الصغيرة وتركها استقطاع زوايا المجمعات السكنية الكبيرة التي تشكل خطراً على مستخدمي الطرق تجاهلتنا هذه الوزارة!
حين يتوجه المواطن البحريني البسيط للبلديات من أجل استصدار رخصة لبناء بعض الحجرات الإضافية في منزله الصغير جداً للتوسعة على عياله، يضعون له ألف شرط وشرط لتلكم الرخصة، وأنه يجب أن يترك كذا من الأمتار أمام المنزل وخلفه كمساحات ارتدادية، وألا يتعدى بناء المنزل عدداً معيناً من الطوابق حسب تصنيف المنطقة وغيرها من الاشتراطات التي تجعل المواطن يصرف النظر أصلاً عن البناء والتوسعة، أو أن يقوم بالبناء مخالفاً لكل تلكم الاشتراطات التي تدعي البلديات أنها مخالفة للقانون ولقواعد السلامة، فيتعرض لغرامات مالية أو عقوبات مشددة، في حين لو حرفنا أنظارنا لمناطق بعينها في البحرين، لرأينا العجب العجاب من حجم المخالفات وكيف أن البلديات «نائمة في العسل».
يمكن لأي إنسان يعيش في مملكة البحرين حين يقوم بجولة سريعة لبعض مناطق المنامة التي تعج بمساكن العمالة الوافدة من الآسيويين وغيرهم، أن يسجل الكثير من الملاحظات التي لا يستطيع مفتش البلدية أن يسجلها، وهو الموظف الذي يستلم راتباً محترماً نهاية كل شهر، وهذا الأمر يعد من المفارقات الغريبة في بروتوكولات وزارة البلديات التي لا ترى إلا ما تحب أن تراه.
بيوت قديمة تقطنها مجاميع بشرية هائلة من العمالة الآسيوية تقع في قلب العاصمة المنامة، من أهم مميزاتها ومواصفتها التالي: منازل آيلة للسقوط، تفتقر لأبسط مقومات السلامة والأمن والصحة، لا توجد بها مخارج للطوارئ، صغيرة الحجم كالأقفاص، يعيش العشرات من البشر من العمال في كل واحد منها دون أن يوفر أصحابها الاشتراطات الحقيقية التي تضعها البلديات على رقبة المواطن البسيط، وحين يعود العمال لتلكم المنازل الأقفاص تطفح مجاري بيوتهم بشكل مزعج لأن المنطقة التي يقطنونها لا تستوعب شبكة المجاري فيها هذا الكم الهائل من العمالة!
كيف يمكن لعين المواطن العادي في المنامة أن ترصد هذه المخالفات السكنية التي لا يمكن أن تخطئها العين من أول مرة بينما عيون عشرات المفتشين لا ترى ما يمكن أن يراه غيرهم من المبصرين؟ هل هناك تواطؤ بين هذه الجهة الرسمية وبين ملاك تلكم البيوت التي لا تصلح للسكن الآدمي؟ هل المفتش المختص بإعطاء المخالفات لمنازل العمالة الآسيوية أعمى أو يتعامى وهو يقوم بأداء عمله؟ أم أن البلديات مقتنعة أن المخالفات يجب أن تكون من نصيب المواطن البسيط وليس من نصيب المخالف «الهامور»؟
زيارة واحدة للمنطقة السكنية العمالية التي تقع بين المنامة ومنطقة النعيم عند وقت أذان المغرب ستحدد كل الترهات التي تتشدق بها البلديات حين نرى عشرات البشر من العمالة الأجنبية يتكدسون في منازل غير آمنة وغير صالحة ومخالفة لأبسط شروط السلامة منذ عشرات الأعوام، دون أن يتغير الحال، ومن هنا يحق لنا أن نتساءل وبالفم «المليان»، أين البلديات؟