الأبواق الإيرانية في المنطقة حاولت أمام موجة الاستنكارات والإدانات العربية والإسلامية تضليل حقيقة إطلاق الصاروخ الحوثي الذي استهدف مكة المكرمة، بادعاء أن الصاروخ كان المقصود به مطار جدة، وأن الهدف في ذلك هو تعطيل حركة الملاحة فيه لكونه أكثر مطارات المملكة ازدحاماً!!
حتى لو «أخذناهم على قد عقولهم»، و»مشى علينا» هذا الكلام، وعلى حد زعمهم، أن السعودية تحاول كسب تعاطف إقليمي عربي وديني، فافتعلت قصة أن الصاروخ يستهدف مكة المكرمة لا مطار جدة، دعونا نحلل قليلاً ادعاءاتهم! يقولون لكونه مطاراً مزدحماً، والسؤال هنا، لماذا يستهدفون مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، الذي يعد من أكثر المطارات ازدحاماً؟! ومزدحم بماذا؟! أليس بالمسلمين من كل أقطار العالم الذين يتوافدون عليه لأداء العمرة والحج؟! إذن هم يستهدفون المسلمين المتجهين إلى مكة المكرمة.. أليس كذلك؟! إذن لا فرق بين حادثة تدافع الحجاج في منى التي جاءت بتدبير من إيران، وبين استهداف الحوثيين للمعتمرين القادمين لأداء العمرة عبر مطار جدة، لكونه مزدحماً بهم! الفارق فقط أن أولئك حجاج داخل مكة المكرمة، وهؤلاء معتمرون متوجهون لمكة المكرمة!
كما يضم المطار المستهدف من قبل الحوثيين قاعدة القوات الجوية الملكية السعودية، ويعد بوابة مكة المكرمة الجوية، وأهم المطارات بالسعودية، حيث يضم صالة خاصة بحكام وملوك ورؤساء الدول القادمين لزيارة المملكة. ولا ننسى مخطط تطويره وعمليات التوسعة له خلال الأعوام القادمة لجعله مركزاً اقتصادياً متطوراً، وحتى يخدم أكبر عدد ممكن من حجاج بيت الله الحرام، وتهيئته لخدمة أكثر من 80 مليون مسافر سنوياً.
بكلمات أخرى، يعني لو يبرر الحوثيون من اليوم إلى الغد بأنهم لم يستهدفوا مكة المكرمة لكونهم مسلمين ولكونهم يعتبرونها من الأماكن المقدسة فكل هذه الحقائق تفند ادعاءاتهم! فأنت عندما تشرع في هدم الجسر الذي يوصل الناس لغايتهم يعني أنك تجزئ حربك على مرحلتين، أولاً هدم كل الطرق التي توصل المسلمين لمكة المكرمة، إضافة إلى أنك تستهدف أهم مطار في السعودية يستقبل رؤساء الدول، لتنتقل إلى المرحلة الأخرى بعد أن تعزل المسلمين من الوصول إلى نقطة هدفك الرئيسة! الضرر واقع في كلا الحالتين، ويصب في نفس الخانة، استهداف قبلة المسلمين وتعطيل وصولهم إليها لتأدية عباداتهم ومناسكهم تمهيداً لوصولك واستحواذك عليها! طبعاً نقول هذا الكلام رداً على ادعاءاتهم، فيما هو غير صحيح، فالصاروخ كان يستهدف مكة المكرمة بالأصل.
نقطة أخرى نود مناقشتها، وهو ما ورد عن الخبير العسكري المصري هشام الحلبي، فيما يخص طبيعة وقدرات الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون، وأنه من ضمن مجموعة من الصواريخ المملوكة للجيش اليمني، وتم الحصول عليها من روسيا، واستولت عليها ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وأن تشغيله يحتاج لتقنية عالية ودورات متقدمة لا يمكن أن يكون قد حصل عليها مقاتلو الحوثي، بل من أطلق الصاروخ إما خبراء إيرانيون أو مسؤولون عسكريون تابعون لميليشيات المخلوع، وكلها حقائق تؤكد حجم المشروع الحوثي وأبعاده وأنه جاء في واجهته باسم «حوثيي اليمن»، فيما من يدير العمليات الإرهابية حقيقة وعلى أرض الواقع المسؤولون الإيرانيون.
للأبواق الإيرانية وبعض الذين يدافعون ويبررون الفعل الدنيء للحوثيين، لا نعلم حقيقة ماذا بعد إطلاق صاروخ على مكة المكرمة أطهر بقاع الأرض التي ولد فيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وسيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه؟! هل سيستهدفون مدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، المدينة المنورة، التي تضم المسجد النبوي وقبر النبي الكريم وقبور صحابته سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما، ومقبرة البقيع التي تضم موتى وشهداء الجيل الأول في صدر الإسلام، وصحابة رسولنا الكريم، ومسجد سيدنا علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه ورضي الله عنه؟