لكم أن تتخيلوا حجم اعتزازي وثقتي وابتسامتي العريضة، وأنا في طريقي صباح ومساء كل يوم من منزلي إلى العمل والعكس، إذ يكتسي طريقي بالطمأنينة والثقة والفخر في آن واحد.. ولعلي أدرك في اللحظة التي تقرؤون فيها هذه الكلمات كم ستتبادر إلى أذهانكم من تساؤلات حول سبب هذا الخليط العجيب من المشاعر الإيجابية والسعادة الغامرة، وأكاد أجزم أن بعضكم قد تبادر إلى ذهنه فوراً سبب ذلك دونما استغراب أو سؤال، ولربما من شاطرني الشعور نفسه هو الأكثر تفهماً لما أطرحه بين أيديكم اليوم. وأعني من مقدمتي هذه الحملة الإعلامية الرائعة التي تكتسي بها الشوارع لتمرين «أمن الخليج العربي 1».
ما يمنحني هذا الشعور العجيب الذي أخبرتكم عنه أنني أقف قبالة تمرين خليجي بامتياز، أقف فيه على قوة أمنية مذهلة لم أكن أدرك حجمها بهذا المستوى من الدقة من قبل، ما يمنحني شعوراً بالاكتفاء الأمني، الاكتفاء الذي يجعل أبناء جلدتنا حماة لنا ليل نهار، تدفعهم الغيرة على الأوطان والأهل على التفاني في العطاء والبذل والتضحية. إننا نعول اليوم على أبناء جلدتنا، وليس على حلفاء أو أساطيل أو حماية خارجية. قوة أمنية تتمتع بمستوى مذهل من الجاهزية، وإمكانيات عالية من حيث العدة والعتاد، نتحدث عن تدريب نوعي هو الأول في تاريخ الخليج العربي والمنطقة، وأحدث أنواع الأجهزة والأسلحة والتقنيات، وخبرات عتيدة، تجعل من نظام أمننا الخليجي قوة قادمة لا يمكن التهاون بها البتة.
إن تمرين «أمن الخليج العربي 1» بما يشكله شخوصه المتدربون تجسيد لروابط الدم والمصاهرة، يمنح كل منهم مزيداً من الشعور بالدفء والثقة بوجود عضيده الآخر من بقية دول الخليج العربي إلى جانبه، بما يؤكد على حقيقة شراكة المصير والإخلاص الخليجي المشترك في الإطار العام للكيان الخليجي الواحد. ويخيل إليّ أن هذه الروابط جعلت من الأمر غير قابل للاختزال في مهمة أمنية وظيفية وحسب، وإنما ذود رجال الأمن عن الأرض والعرض والشرف في كل بقاع الخليج العربي، فعلى كل أرض منه لهذا العسكري أهل وصهر وصحبة. لقد كشف تمرين أمن الخليج العربي الستار عن خصوصية الدوافع الوطنية والأخوية الخليجية التي لا تملكها أي تجمعات ومناورات أخرى. فلنعم الأمن أمننا، ولنعم الروابط روابطنا الخليجية المتينة.
* اختلاج النبض:
وأنا أتعرض للحملة الإعلانية لتمرين «أمن الخليج العربي 1»، وأرى رجال الأمن متوشحين بأعلام بلدانهم الخليجية، أقف عند كل لوحة ليهتف قلبي الخليجي بنشيد الأوطان، فمن «بحريننا مليكنا رمز الوئام»، إلى «سارعي للمجد والعلياء»، ومن «عيشي بلادي عاش اتحاد إماراتنا»، إلى «وطني الكويت سلمت للمجد»، ومن «قسماً بمن رفع السماء»، إلى «يا ربنا احفظ لنا جلالة السلطان»، فيراودني سؤال حول ما إذا أصبح الخليج العربي مستعداً اليوم لإطلاق «النشيد الوحدوي المشترك» و»العلم الخليجي المشترك» لننضوي جميعاً تحت لواء واحد شامل «الخليج العربي».