والله نستغرب من حال هؤلاء الذين وقفوا يوماً فوق منصة دوار الانقلاب تحت شعار «باقون حتى إسقاط النظام»، وكيف أنهم مازالوا لا يتعلمون من أخطائهم! حتى اليوم هم «يكابرون»، ويصرون على الاستمرار في مخطط «معاداة» الدولة، ومساعي «إسقاط النظام»، رغم أن الصورة باتت واضحة بجلاء لكثيرين، خاصة ممن انخدعوا بهم ودفعوا ضريبة قاسية، وكثير منهم عاد لحضن الوطن ونبذ أفكارهم. حينما يخرج علينا بين الفينة والأخرى نفر منهم يكررون ما قالوا قبل خمس سنوات، وكأنها محاولة لـ»تذكير» شارعهم إن أحسوا أنه نسي، أو محاولة إرسال رسالة من جانب آخر للدولة، علها تفتح لهم باباً جديداً تحت مسمى «الحوار». مشكلتكم أنكم لا تتعلمون من أخطائكم، ولطالما أخذتكم العزة بالإثم، فالدولة منحتكم بدل الحوار ثلاثة حوارات، فماذا فعلتم فيها؟! بالبحريني «تعنترتم»، وحاولتم ممارسة الفلسفة السياسية، وأخذتم تملون الشروط واحداً تلو الآخر، متناسين بأن التاريخ يكتبه المنتصر، والدولة البحرينية انتصرت انتصاراً ساحقاً على محاولة الانقلاب المدعومة من إيران، فبأي وجه يأتي من لبس رداء الخيانة الصريحة، ومن أساء لرموز البلد، ومن شرخ البلد بحراكه الانقلابي الطائفي الذي فاحت رائحته «العطنة»، بأي وجه تأتون لتقولوا نفذوا ما نريد؟! يحسب للبحرين وقيادتها إنسانيتهم عالية المستوى، والتي جعلت لكم أصواتاً مازالت ترتفع، وأنتم «أبخس» من يعلم بحال الدول التي تقمع أي صوت معارض، بل تنكل بكل من يتجاوز القانون والنظام، أنتم تعلمون تماماً كيف تعامل إيران التي يميل لها قلبكم معارضيها. حينما تستمر «الهرطقة» بهذا الشكل، تأكد بأن «الإفلاس» وصل أوجه، وأن الجماعة لا يملكون اليوم إلا الكلام، ومحاولة «استدرار» العواطف، ومساعي حشد أصوات الناس. ألم تعلموا أن المحاولة فشلت، وأن مساعي التغلغل من جديد في مفاصل الدولة ستفشل لا محالة، فالدولة واعية، وما حصل في البحرين مثل لنا درساً بليغاً في كيفية التعامل مع «الخناجر» التي تضرب في الظهر بأسلوب الغدر. يتحدثون عن «وثيقة المنامة» التي طرزوها لوحدهم، وفصلوها على مقياسهم الطائفي، ويريدون أن يلزموا الدولة بها، متناسين بأن وثيقتهم ولدت ميتة أصلاً، لأن البحرين لا تعترف بوثائق فيها تشابه مع مطامع الأجنبي، فيها تقارب مع الأجندة الإيرانية الطامعة في بلادنا. وثيقتكم هي عليكم فقط، فالبحرين لديها وثائقها الشرعية التي تلتزم بها، لديها ميثاق العمل الوطني ولديها دستور المملكة، وأي شيء خارج هاتين الوثيقتين هي «اختراعات» غير ملزمة الدولة بها، بل هي غير ملزمة أن تعترف بها وتتعاطى بما فيها مع انقلابيين بالأدلة والشواهد. مهما حاولوا التلون إلا أن لسانهم «يخونهم»، فها هو اللسان يفصح مجدداً عن أهدافهم الحقيقية، حلم «الحكومة المنتخبة» التي يريدون من خلالها تسليم زمام أمور البلد لعيسى قاسم ممثل خامنئي في البحرين أو لأتباعه، إذ نحن نعرف تماماً ماذا يعني «الانتخاب» عندكم، هو لا يعني رأي الناس، بل هو أمر الولي الفقيه، هو مرهون بـ»قوائم إيمانية» وبلون واحد وطائفة واحدة، مطعمة بشخص أو اثنين من الطائفة الأخرى بأسلوب «المحلل» حتى لا يقال عنكم طائفيين. يريدون أن تكون البحرين الدولة الوحيدة التي تنتخب حكومتها، لا بهدف سامٍ راقٍ، لكن بهدف طائفي مسعاه خلق دولة داخل دولة. وهنا للعلم ولا دولة في الخليج العربي تقوم بما يريده هؤلاء، بالتالي هم يسعون لسلخ البحرين أولاً عن انتمائها الخليجي، هذه المنظومة الخليجية العربية التي تؤرقهم وتقض مضاجعهم، ونعرف تماماً كم يسبب اسم السعودية والإمارات الحساسية الشديدة لدى عملاء إيران. البحرين دستورها واضح، جلالة الملك حفظه الله له مطلق الصلاحية بتعيين رئيس وزراء، والأخير يختار الوزراء، لتتم المصادقة عليهم بمرسوم من رأس الهرم في البلد ورأس السلطات حمد بن عيسى. يطلقون على أنفسهم معارضة، ونحن في البحرين ندرك بأننا لا نملك معارضة رشيدة لها آراء حصيفة أو ذات ممارسات عقلانية، لدينا جماعة تدعي ذلك، لكنها ذات نزعة انقلابية وطائفية، همها ليس صالح البلد وأهله، لكن همها الاستحواذ والسيطرة والكرسي، والدليل تعنتها في ثلاثة حوارات كانت ستحقق لهم الكثير. لدينا معارضة طائفية حتى النخاع تتحرك بدوافع الثأر والانتقام ممن يسمونهم شركاء في الوطن، وصور الدوار ومجسماته وشعار منصتهم الشهيرة كلها إثباتات على حجم الحقد والكراهية تجاه هذا الوطن والمخلصين له.