أياً كانت دقة المعلومات التي تم تداولها أخيراً على نطاق واسع عن تورط قارئ القرآن الأول في بيت المرشد الإيراني علي خامنئي في قضية اغتصاب نحو عشرين طفلاً من طلابه على مدى عدة سنوات فالأكيد هو أن من يعتبرون إيران الملالي فوق الشبهات لن يصدقوها وسيقولون إنها غير صحيحة وإن المراد منها هو الإساءة إلى خامنئي والنظام الإيراني، أما إذا تبين أن كل ما تم تداوله كان دقيقاً إلى الحد الذي خرج فيه المتهم سعيد طوسي نفسه على الملأ واعترف بجرائمه وهو يقسم على القرآن أن ما يقوله هو الصحيح فالأكيد أنهم سيوفرون له كل ما يحتاجه من مبررات وأعذار وقد يؤلفون من القصص ما يستنتج منها أن طلابه هم الذين أرغموه على فعل الفاحشة معهم! ولو أنهم في الغالب سيصمتون وسيتحاشون التطرق إلى الموضوع أملاً في دفنه.
هذا الهوس بالتجربة الإيرانية الفاشلة يدفعهم لاختلاق الأعذار حتى للمتورطين في مثل هذه الموضوعات التي يفترض ألا تتسامح فيها الحكومة الإيرانية ومرشد إيران، على الأقل كي تبقى لهم بعض المصداقية، فأي مصداقية تبقى لنظام يدعي الانتصار للمظلومين ويتورط رجاله في مثل هذه القضايا الأخلاقية؟
حسب القصة التي تم تداولها فإن طوسي وهو في العقد الخامس متهم باغتصاب تسعة عشر طالباً من طلابه خلال الأعوام الماضية وهم أطفال تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والرابعة عشرة، وأن الحكومة الإيرانية في محاولة منها للملمة الموضوع تسعى إلى إيجاد مخطط يؤدي إلى إغلاق هذا الملف ويحافظ على سمعة النظام وبيت المرشد الذي -حسب الخبر- وقعت فيه هذه الجرائم.
وحسب الخبر أيضاً فإن طوسي هدد بفضح مائة شخصية من المقربين من النظام الإيراني متورطين في قضايا مشابهة لو تمت محاكمته، وأنه لهذا السبب يرجح اختيار حل تصفيته بطريقة أو بأخرى.
بالتأكيد لا يمكن استبعاد مسألة أن الهدف من نشر مثل هذا الخبر هو الإساءة إلى النظام الإيراني بالنيل من سمعته خصوصاً وأن المتهم يعتبر جزءاً من بيت المرشد ورمزاً أطلق عليه المرشد نفسه اسم «القدوة» ليحتذى به، لكن بالتأكيد أيضاً لا يمكن لملمة مثل هذا الموضوع ببساطة، وكما أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته كذلك فإن النظام الإيراني عليه أن يثبت أن هذه القصة مختلقة وأن المراد منها هو الإساءة إليه.
وكما أن عوامل عديدة تجعل المهووسين بالتجربة الإيرانية الذين يجعلون المسؤولين الإيرانيين في مصاف أعلى من مصاف البشر لا يصدقون هذه القصة منها أن النظام الإيراني مستهدف خصوصاً في هذه الفترة التي يحارب فيها في العديد من الدول فإن عوامل عديدة تجعل الآخرين يصدقونها منها أن طوسي متنفذ ويحظى بحماية رأس النظام بالإضافة إلى عوامل أخرى تؤدي إلى ضعفه كونه إنساناً أولاً ويدرس طلاباً في مثل هذه السن تعينه أشكالهم وألوانهم على التفكير في أمور تؤدي إلى الاختلاء بهم واستغلالهم ببساطة.
في كل الأحوال ليست هذه الفضيحة الأولى للنظام الإيراني ولن تكون الأخيرة، وما يحز في نفوس الإيرانيين خصوصاً ذوي الضحايا هو أن النظام الذي يقدم نفسه على أنه راعٍ للدين وحريص على نشر مبادئ الإسلام وناصر المستضعفين والمظلومين يتورط في مثل هذه الأفعال اللاأخلاقية ويظلم الإنسان ويستضعفه.
الكثير من الإيرانيين الذين يعانون من ظلم النظام الإيراني لا يجدون الطريق التي يوصلون من خلالها معاناتهم إلى العالم وفي الغالب لا يفعلون لأنهم يخشون سطوة النظام فيسكتون، كما أن الكثير من حقوق المواطنين الإيرانيين تضيع وسط الضجيج الذي يفتعله الإعلام الإيراني الذي يضع كل طاقته وقدراته للإساءة إلى جيرانه بالتركيز على أمور صغيرة يقدمها للمهووسين به على أنها فضائح.