من الواضح المحاولات التي تستهدف دول مجلس التعاون الخليجي لتغيير أنظمة الحكم فيها، فخلال السنوات الست الماضية اعتمدت القوى المناهضة لدول المنظومة الخليجية -هي قوى إقليمية ودولية- نظرية تأثير الفراشة، واستغلت ما يسمى بـ»الربيع العربي» متطلعة لأن تتأثر هذه الدول وتنتفض شعوبها.
كانت المعادلة آنذاك مقلوبة، فدول إقليمية كبرى مثل مصر وسوريا وليبيا تأثرت بتلك النظرية وأثبتت نجاحها لتسقط النخب الحاكمة وتبقى الأنظمة مكانها. في الوقت الذي صمدت فيه دول مجلس التعاون أمام موجة تأثير الفراشة، ووصلت أقصاها في البحرين خلال المحاولة الانقلابية التي فشلت.
إذن كيف ينجح تأثير الفراشة في دول عربية محورية، ويفشل في إحدى دول مجلس التعاون الخليجي مثل البحرين؟
المسألة محيرة فعلاً لدى المحللين السياسيين، لذلك انتقلوا للتعويل على نظرية الدومينو في العلاقات الدولية التي تقتضي أن تنتقل الفوضى وعدم الاستقرار والأوضاع السياسية من بلد لآخر، فتسقط كما هي قطع لعبة الدومينو.
التعويل على نظرية الدومينو، دفع القوى المناهضة لدول مجلس التعاون الخليجي لتشكيل مصدري ضغط شمال وجنوب شبه الجزيرة العربية، ففي الشمال هناك العراق المحكوم إيرانياً، وفي الجنوب هناك اليمن المحتل إيرانياً. والفكرة أن إشعال صراعين في هاتين المنطقتين من شأنه أن يؤدي إلى الانتقال لدول المنظومة الخليجية تدريجياً.
فشلت نظرية تأثير الفراشة، ويبدو أن نظرية الدومينو ستفشل أيضاً لأنها غير قابلة للتطبيق على دول مجلس التعاون الخليجي التي تختلف أنظمتها ومجتمعاتها عن بقية المجتمعات في المنطقة. تلك الخصوصية الخليجية التي تحوّل 6 كيانات إلى كيان واحد متى ما طرأت أزمة أو ظهر تحدٍّ معين بخلاف دول العالم الأخرى التي يمكن أن تتخبط، وتقيم تحالفات هشة هنا وهناك، لكن هذه الدول تبدأ تحالفاتها بين بعضها بعضاً، ثم تنتقل إلى التحالفات الإقليمية فالدولية، ولديها المرونة الكافية لإقامة الشراكات والتحالفات في زمن انتهت فيه التحالفات.
تطبيق نظريات العلاقات الدولية على دول مجلس التعاون الخليجي في سياسات الدول المناهضة لدول المجلس، ثم فشلها يعني التأكيد لعدم فهم العدو لمجتمعات وحكومات وشعوب الخليج حتى الآن. لذلك مهما ابتكرت النظريات تلو الأخرى، فإنها ستحظى بالفشل دوماً، وقد يؤدي هذا الإحباط إلى الانتقال من المواجهة غير المباشرة إلى المواجهة المباشرة التي ستكون منعطفاً جديداً في التاريخ العربي، وثاني تحول تشهده المنطقة في القرن الحادي والعشرين.