بدأت معركة الموصل التي طال انتظارها من العراقيين ومن العالم الذي يرى أن هذه المعركة ستساهم في القضاء على تنظيم «داعش»، وتكون البداية لطرد هذا التنظيم الراديكالي الإرهابي من الأراضي العراقية.
هذه المعركة التي تعد من المعارك النادرة التي يتم الإعلان عن الاستعداد لها تتزامن مع مخاوف إقليمية ودولية من أن تصاحبها عمليات تطهير عرقية وطائفية في ظل قوة النزعات الطائفية في العراق، ومشاركة قوى طائفية لها أجندات تعمل على تحقيقها أو تمارس انتقاماً باسم الرب!
معركة الموصل قد تطرد «داعش» من هذا الإقليم الهام، لكنها لن تطرد «داعش» من العراق نهائياً، لأن تنظيم «داعش» يعد أداة من أدوات تقسيم العراق. ومن المؤلم هذا الاهتمام الواسع بمعركة الموصل، وطرد التنظيم منه، وتجاهل تقسيم العراق الذي بات حقيقة وواقعاً دون أن يكون ذلك موجوداً على الخرائط الرسمية.
دول مجلس التعاون أخطأت عندما سمحت لطهران بالهيمنة على العراق إبان الغزو الأمريكي ـ البريطاني في العام 2003. والآن تعيد الخطأ نفسه وتكرره دون أن يكون لها دور حاسم في معركة الموصل التي يتوقع أن تكون البداية الرسمية للإعلان عن تقسيم العراق بعد أن تؤدي المعركة أساساً إلى حرب طائفية شديدة تدفع مكونات الشعب العراقي إلى خيارات أخرى، وتدفع كل مكون إلى الدفاع عن مصالحه بعد أن يتم تحديد إقليمه جغرافياً، حينها تتحول الحرب الطائفية إلى حرب على الموارد بين إقليم فقير وآخر غني، وإقليم يعاني من التطرف والإرهاب.
هذا المشهد المعقد قادم، ومن غير المنطقي تجاهله، وهو ما يتطلب من دول المنظومة الخليجية البحث عن خيارات أخرى بدلاً من الاكتفاء بالتصريحات المتكررة التي تطالب بضبط النفس، أو تحذر من العنف الطائفي، أو تطالب بالحفاظ على وحدة الأراضي العراقية وهي تدرك جدياً أنها انتهت عملياً.
معركة الموصل معركة حق يراد به باطل، لن تنتهي، بل ستستمر سنوات لأنها بداية لمعارك أخرى تقوم على صراع الطوائف والمكونات، وفي جميع الأحوال لن يكون فيها طرف منتصر وآخر خاسر، بل سيخسر فيها الجميع لأنها معركة صفرية تنتهي بولادة أقاليم طائفية متصارعة يجب أن نستعد للتعامل معها، فما يحدث في الموصل سيتأثر به الخليج.