تعليقاً على الحرب الدائرة في الموصل قالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان إن «طهران تحترم قرار الحكومة العراقية كدولة مستقلة.. ولا تتدخل بشؤونها». تعليق يؤكد اعتقاد إيران أن العالم من الغباء والسذاجة بحيث يمكنه تصديق مثل هذا الكلام ببساطة، فلو كان العراق مستقلاً والقرار قرار الحكومة العراقية فما مبرر وجود «المستشارين» الإيرانيين في العراق؟ ومن الذي يدير «الحشد الشعبي» هناك؟ وكيف يقتل الجنود الإيرانيون في العراق؟ ولو أن إيران لا تتدخل في شؤون العراق الداخلية فلماذا لم يستطع هذا البلد حل مشكلاته حتى الآن؟
كلام لا يمكن لعاقل أن يصدقه فكيف بالمتابع والمراقب والمحلل السياسي والعارف بسياسة إيران وألاعيبها؟ العالم كله يرى ويلمس الوجود الإيراني في العراق ويرى كيف أنها تسيطر على الحكومة فيه، ويرى كيف أن العراق لم يعد يستطيع اتخاذ أي قرار من دون موافقة إيران، والعالم كله يصرخ قائلاً إن هذا الذي تقوله إيران يفترض في المستمع الغباء.
إيران تتواجد في العراق بقوة وتمسك بتلابيبه، وإيران تتواجد في سوريا وتمسك بتلابيبها، وإيران تسيطر على لبنان وبإمكانها أن تستمر في إعاقة انتخاب رئيس له لو لم تكن راضية عن الجنرال ميشال عون، وإيران تحكم صنعاء والقرار اليمني وكان يمكن أن تضم اليمن سريعاً إلى مجموعة الدول التي تسيطر عليها لولا «عاصفة الحزم» وخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي وقف في وجهها وعطل ذلك الإعلان وفضحها أمام الملأ.
عندما تقول إيران إنها لا تتدخل في شؤون هذه الدولة أو تلك فتنفي بتصريحات رسمية فهذا يعني أنها تتدخل في شؤونها، فالنفي الإيراني تأكيد ما بعده تأكيد، وهذه حقيقة صار الجميع يدركها.
لولا سيطرة إيران على الحكومة العراقية وتحكمها في قراراتها لانتهت مشكلة العراق منذ زمن، ذلك أن إيران هي السبب الرئيس وراء عدم تمكن العراق من حل مشكلاته، ولولا سيطرة إيران على الحكومة السورية وتحكمها في قراراتها لانتهت مشكلة سوريا منذ زمن، فإيران هي التي تحكم سوريا وليس بشار الأسد، ولولا تواجد إيران في اليمن ودعمها للحوثيين لصاروا في خبر كان منذ زمن، فالحوثيون يحاربون بالسلاح الإيراني وقرار الهدنة الأخير اتخذته إيران نيابة عن الحوثيين ولم يتخذه الحوثيون أنفسهم. للأسف إيران هي التي تتحكم اليوم في هذه الدول العربية وغيرها وتسعى للتحكم في دول أخرى عربية أيضاً فتسخر كل طاقاتها وقدراتها وخصوصاً الإعلامية لتحقيق هذا الهدف الذي يستجيب لبعض بنود دستورها الذي تكفل بـ»الانتصار لكل مظلومي العالم والمستضعفين» واعتبر هذا الأمر من صميم عمل أي حكومة إيرانية.
بناء عليه، عندما تقول الخارجية الإيرانية وحكومة الملالي إنه لا علاقة لها بقرار العراق ولا تتدخل في شؤونه فهذا يعني أنها تعترف بأنها خانت الدستور الإيراني الذي يلزمها بالتدخل في شؤون الآخرين! ألم تؤكد إيران في مناسبات كثيرة أنها مسؤولة عن كل مظلوم ومستضعف في العالم وأن دورها في هذه الحياة هو الانتصار له؟ العالم لم يعد يصدق التصريحات الإيرانية النافية لدورها في اتخاذ القرارات في العراق وسوريا ولبنان واليمن لأن المسؤولين الإيرانيين صرحوا من قبل كثيراً ولم يصدقوا فعرف أن ما قالوه كان كذباً، ولا يمكن تصديق الكذاب وإن صدق.
الحقيقة التي لا يمكن لإيران أن تغطيها مهما صرحت ومهما نفت وأياً كان من صدر عنه النفي هي أنها جزء أساس من معركة الموصل الدائرة حالياً في شمال العراق بل إنها هي التي تدير المعارك هناك ويأتمر الجيش العراقي أيضاً بأمرها وليس «الحشد الشعبي» فقط.