منذ عدة أيام، وخبر المنتج الكويتي المقبوض عليه بتهمة تجارته بمادة الكيميكال -وهي مادة مخدرة شديدة الخطورة- يتصدر عناوين الصحف الفنية وغير الفنية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد أثار ضجة كبيرة لكون الشخص المقبوض عليه يعد من الشخصيات التي شغلت الرأي العام والجميع بأخباره هو وزوجته، خاصة بشأن التباهي بقصة حبهما، وبطريقة كشفت ثراءه الفاحش والحياة المخملية الوردية الجميلة التي يعيشانها، مما جعل الكثير من الفتيات يتمنين أن يحظين بالزواج برجل غني وتاجر مثله، يعيشهن في هذا الجو، الذي كشف أخيراً أنه بني على باطل، وسراب ضلل الجميع!
في البداية نود التشديد على أمرين، أولاً، أن القضية متروكة لعدالة القضاء في الدولة الخليجية الشقيقة، وإننا في تداولنا للخبر ضد مبدأ الشماتة، وهناك فارق كبير جداً بينها وبين التنويه وبيان العبرة وتسليط الضوء على ظاهرة هؤلاء الذين باعوا أوطانهم لأعدائهم وكونوا ثرواتهم التي أخذوا يتباهون بها على حساب ضياع شبابنا وتفكيك المجتمع، وثانياً، أخذ الدرس والعبرة والبينة مما تم خاصة للفتيات اللواتي صدعن رؤوسنا بعبارة «ليتني مكان زوجته!!».
كثير من الفتيات يفوت عليهن أن أهم ما في العلاقة الزوجية أن يخاف زوجك الله فيكِ، وأن تخافي الله فيه، وألا تقودا نفسيكما إلى التهلكة، ولا إلى النار، فكل ما خلاف ذلك من أمور دنيوية زائل وينتهي.
فالطائرات من الأمور المادية التي تنتهي وتزول، وقد تختفي بغمضة عين، كما حصل مع زوجته التي بلاشك تجد نفسها اليوم في دوامة وتورطت في هذه القضية الشائكة.
ولطالما قلنا لمن نناقشهن وهن «يحلمن بالزواج من رجل مثله»: المرأة العاقلة تهتم بأن تحظى بالزواج من رجل غني في أخلاقه وفي دينه، غني في تقواه لربه ومروءته، رجل حقيقي لا رجل يملك طائرة أو رصيداً بالبنك متضخماً، بحيث يغيب عنها سؤال نفسها «من أين لك هذا؟» فالسماء لا تمطر نقوداً، ومن يأتي له المال فجأة ويتبدل نمط حياته ليتحول إلى مليونير بين ليلة وضحاها هناك ألف علامة استفهام عليه!!
الرد المضحك الذي يأتي من بعض الفتيات للأسف -هداهن الله- واللواتي من الواضح أنهن غرتهن الأموال والجاه والشهرة، ولا يتفكرن في الأمر: ماذا تتمنى البنت غير رجل غني يدلعها ويهديها طائرات؟ الطائرات يا عزيزتي «تروح» يوماً والأموال تنتهي، ستحتاجين في منعطفات العمر إلى رجولة وشخصية رجل يسندك ويدعمك، فالرجولة عملة نادرة وهي أهم من «مخبات الريال» فالغنى والفقر بيد الله سبحانه مغير الأحوال.
يبقى أهم ما في الرجل رجولته ومروءته وأن يحافظ عليكِ، ويتقي الله فيكِ، ويغار عليكِ، لا أن يهتم بعرض جسمك للآخرين وعرضك، والتباهي بكِ، كما أن الأهم من هذا كله أن يحرص على إهدائك قصور الجنة ومغانمها، بجعلك زوجة صالحة، في بيئة صالحة، والأهم من هذا كله أن تتزوج الفتاة برجل يأخذها إلى الجنة لا يقودها نحو الهاوية.
رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام قال «تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها وحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك»، فالرسول عليه أفضل الصلاة اهتم بالأخيرة أي «الدين»، ودعا الرجال إلى الاهتمام بأن يكون الدين هو الأولوية في اختيار شريكة الحياة، والأمر ذاته عند النساء، من المفترض أن يتدبرن من هذا الحديث فيكون مرشدهن في اختيار زوج المستقبل بحيث يهتممن بدين الرجل وخلقه لا بعدد طائراته ورصيده البنكي ومظاهره الشكلية التي لا تدوم.
صحيح أن الفتاة في هذا الزمان وأمام كثرة المتطلبات وتغير نمط الحياة تحتاج لرجل قادر على إعالة المنزل الذي ينويان تأسيسه، وهذا يعني أن عليها الاهتمام والتأكد من مسألة إن كان قادراً من الناحية المالية على هذه المسؤولية الكبيرة أم لا؟ لكن هذا لا يعني أن يكون هذا الأمر هو غاية الزواج العظمى بحيث تغفل عن الأسس التي يبنى عليها الزواج الناجح.
كما على الفتيات المراهقات أن يفهمن أن كل هذه البهرجة الإعلامية لأشخاص تصنعهم مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ليست بالضرورة تعكس الواقع وقد يكون الشخص الذي تتابعنه بعيداً كل البعد عن الشخصية التي تشاهدنها، ويكون معدنه من وراء الأعين مختلفاً عما يظهر أمامكن، وهناك من يستغللن الفن وخلافه لأمور أخرى وكستار، فلا ينبغي أن يكون هؤلاء القدوة ولا ينبغي إضاعة الوقت في متابعتهم والعيش في كل اللحظات والتفاصيل التي يعرضونها لأنها قد تكون مزيفة ولأنكن في يوم ما قد تستيقظن فجأة من غفلتكن على خبر صادم كمثل خبر هذا المنتج فتعلقن بكلمة «الله لا يحطني في موقف زوجته!».