في عالم يبحث عن السلام في ظل صراعات دامية، وفي عالم يتطلع للتعايش والمحبة في ظل انتشار الكراهية والتطرف، ضربت البحرين أروع الأمثلة في التعايش والسلام بين مكوناتها المتنوعة في نموذج فريد من النادر أن نشاهده هنا وهناك.
لم يُكتب تاريخ التعايش والسلام في مجتمع البحرين الآن أو قبل سنوات أو عقود، بل كان كان هذا التعايش والسلام سائداً فيها منذ قرون طويلة حتى شكّل شخصية من يعيش على هذا الأرخبيل، وأصبحت سمة البحريني قبول الآخر واحترامه والعيش معه في مختلف مناحي الحياة، وأكد ذلك إصراره على التعايش بسلام مع الجميع مهما اختلف معه دينياً أو إثنياً، وهذا ما ميّز الشخصية البحرينية طوال قرون.
تعايشنا الفريد في البحرين كان ومازال امتداداً لتاريخ طويل نفخر به، وسنورثه لأجيالنا مستقبلاً، هو تاريخ ارتبط بهُوية البحرين التي تميّزت بها عندما شهد العالم الفتوحات الإسلامية التي استطاعت دمج مجموعة مختلفة من المكونات في نسيج واحد يحترم كل مكون الآخر فسادت الحريات الدينية والعامة، وكفلتها الأنظمة والقوانين على مدى تطورها التاريخي حقبة تلو أخرى.
ولم يكن الحكم الخليفي العريق بعيداً عن هذه الشخصية فأثر وتأثر بها، وهو ما جعل من ثوابت السياسة والحكم في البحرين رعاية تعايش التنوع الفريد، وكفالة الحريات الدينية والمدنية لمختلف الأديان والمذاهب والطوائف والأعراق وتولي شؤونهم. هذا الثابت انتقل من حكام البحرين الكرام منذ الفتح التاريخي للبلاد، وحتى تدشين المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله وأعزه الذي صان ورعى التنوع، وحافظ على التعايش بين مكونات شعبه في إطار المواطنة، وحرص بكل مسؤولية على ممارسة الحريات الدينية المختلفة باعتبارها حقاً من حقوق الجميع، واهتم بتكريس هذه السمة منذ بدايات مشروع ميثاق العمل الوطني، وحتى إقرار التعديلات الدستورية التي أعقبتها ليكون مفهوم التعايش حقاً وأساساً للجميع في بلاده.
عُرفت البحرين منذ القدم بتعايشها، وعرف أهلها قيمة التعايش مهما اختلفت الأصول فتوافقوا عليها، وحافظوا عليها، والآن سيواصلون مسؤوليتهم لتبقى دوماً. وهو ما أفشل وسيُفشل أي محاولة لتشويهها أو المساس بها لتبقى واحة للسلام والتعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود والهندوس وغيرهم، هذه هي البحرين.