جاء في الأخبار أن عشرين نائباً إيرانياً دعوا إلى «الإفراج الفوري عن الناشطة الحقوقية نرجس محمدي التي حكم عليها بالسجن عشر سنوات» وأنهم طلبوا في رسالة وجهوها إلى رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني «التدخل شخصياً في هذا الملف» للعفو عن الناشطة التي «تناضل من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في إيران» وأن النواب الموقعين على الرسالة وبينهم النائب الثاني لرئيس البرلمان علي مطهري والعديد من النواب الإصلاحيين أكدوا أن نرجس محمدي «44 عاماً» تعاني من «شلل في العضلات».
في الخبر أيضاً أن السلطات الإيرانية أوقفت الناشطة في مايو 2015 وحكم عليها بأحكام سجن بلغت 16 عاماً في تهم عدة «بموجب قانون صودق عليه العام الحالي لا تقضي المحكوم عليها إلا العقوبة الأشد ضمن الأحكام، وهي في حالة نرجس السجن عشر سنوات». حسب الخبر اتهمت الناشطة بـ«تشكيل مجموعة غير قانونية وإدارتها» نرجس هي المتحدثة باسم «مركز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران» وهو محظور، وكانت قد حصلت في مايو على ميدالية مدينة باريس لعملها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
طبعاً لو كانت نرجس محمدي تنتمي إلى أي دولة خليجية وخصوصاً البحرين أو السعودية لأقامت إيران الدنيا وما أقعدتها ولظلت «تدندن» على الخبر يومياً ولأبرزته في صدر نشراتها الإخبارية ولوظفت كل طاقاتها وقدراتها الإعلامية لشحن العالم، عربه وعجمه، ضد بلادها وحكومتها ولاتهمتها بما لا يخطر على بال أحد ولاعتبرتها مثالاً ما بعده مثال على انتهاك دول الخليج العربي والعرب إجمالاً لحقوق الإنسان، ولأوعزت بالطبع لـ«أزلامها» بالاعتصام أمام السفارة المعنية أينما وجدت في بلاد العالم.
لكن، لأن نرجس محمدي إيرانية، ولأن إيران هي المعنية بالأمر، ولأن الأمر على علاقة بحقوق الإنسان وبمظالم حكومة الملالي واستمرارها في إعدام الأبرياء، لذا صمتت ولم تأتِ حتى ولو بإشارة من بعيد لهذا الخبر، والعارفون بأحوال إيران ومقاصدها -وأنا أولهم- يجزمون ويتحدون كل وسائل الإعلام الإيرانية أن تنشره أو تبثه أو حتى تأتي على ذكر اسم هذه المرأة، والأكيد أنه في حال الضغط على إيران ستقول بكل بساطة وبكل برود إن «هذه مسألة داخلية وإن التحدث فيها يعتبر تدخلاً في شؤون إيران وتجاوزاً غير مقبول»، ولا يستبعد أن ترفع الأمر إلى الأمم المتحدة وتشتكي على من نشره أو تداوله من الدول.
ما لا يعرفه الكثيرون هو أنه لو قامت إحدى وسائل الإعلام الإيرانية ولو بطريق الخطأ بنشر هذا الخبر وأمثاله فإن المسؤولين بها سيلقون المصير ذاته بعد أن يحاكموا بتهم عديدة يتم إلباسهم إياها عنوة وبكل برود أيضاً. ليجرب أحد الذين لا يرضون على حكومة الملالي ويعتبرون هذا الكلام تجنياً عليها أن يتصل بأي برنامج يبث على الهواء مباشرة من أحد الفضائيات الإيرانية أو حتى تلك المحسوبة على إيران والممولة منها ويأتي على ذكر الخبر أو يشير إليه من بعيد وسيلاحظ كيف أن مقدم البرنامج سيفتعل أي شيء لينهي المكالمة في التو والحال. فإيران لا تقبل أن يقال عنها إنها جرحت حقوق الإنسان لأنها تعتبر نفسها هي الإنسان وهي حقوقه، وعليه فإن ما نالت بسببه المدافعة عن حقوق الإنسان الإيرانية نرجس محمدي تلك العقوبات هو لأنها بسعيها وبكلامها تعدت على «حقوق الإنسان» وقالت عنه ما لا ينبغي أن تقوله!
طبعاً نرجس محمدي ومن معها وأهلها والمتعاطفون معها وكل العالم عليهم أن يحمدوا الله سبحانه وتعالى أن حكومة الملالي لم تحكم عليها بالأحكام نفسها التي سعت إلى وقفها وإلغائها وإلا لكانوا قد أجبروا على إضافة رقم إلى قائمة أرقام الذين يتم إعدامهم في إيران.