نشرت صحيفة «الوطن» قبل أيام هذا الخبر المفجع «كشف مصدر عن استقالة 25 طبيباً واستشارياً من قسم الطوارئ منذ بداية العام الحالي وتحويل آخرين إلى أقسام أخرى، مشيراً إلى أن «الوضع في القسم أصبح خطيراً، ولا يمكن الاستمرار حال بقاء القوانين كما هي». وأشار المصدر إلى أن «القسم يشهد عزوفاً كبيراً من الأطباء، نظراً للضغط الكبير أثناء نوبات العمل، وعدم وجود أي مميزات إضافية، بل أقل من الباقي». وقال المصدر إن «الضغط الحاصل في المستشفى كبير جداً والأعداد في ازدياد، حيث اضطرت إدارة المستشفى لزيادة تحمل الضغط الموجود على السلمانية، إلا أن ذلك يتم بالتزامن مع قلة عدد الأطباء»، محذراً من أن «الوضع في القسم لا يحتمل وأصبح خطيراً ويمكن أن يشهد خلال الفترة المقبلة أخطاء كارثية». وتابع «لا تلوموا الأطباء في طوارئ السلمانية حال حدوث أي كارثة مستقبلاً، فالطبيب الواحد يتابع عشرات الحالات في ذات الوقت، نظراً لقلة الأعداد.. هناك من يعمل لساعات طويلة جداً، تفوق الـ12 ساعة يومياً ما يفقده تركيزه». وبين أن «هناك 8 أطباء أخصائيين في قسم الطوارئ، من المقرر أن تتم ترقيتهم خلال العام المقبل إلى رتبة استشاريين، وهذا يعني أن عدد ساعات دوامهم ستكون أقل، في ظل النقص الشديد الذي يعاني منه القسم»».
وإن كان هذا الخبر لا يحتاج إلى تعليق إلا من وزارة الصحة التي ربما تتنصل من الرد والمسؤولية معاً، لكن يجب الوقوف بجدية تامة مع هذه الكارثة التي تتعلق بحياة الناس في البحرين، بل هناك أقسام أخرى تعاني أكثر مما يعانيه قسم الطوارئ كقسم الباطنية الذي شهد هروب مجموعة كبيرة من الأطباء إلى خارج السلمانية أو خارج القسم، وإن سبب هروبهم هو الضغط غير المنطقي والمقبول داخل القسم خصوصاً أوقات النوبات، فكيف هو الوضع الآن وقد هرب بقية الأطباء لأقسام أخرى؟ هل تتخيلون ما حجم الضغط الذي ستشهده مرحلة ما بعد الهروب؟
يجب على المسؤولين بوزارة الصحة وعلى رأسهم معالي الوزيرة أن يتداركوا هذه الأزمة بحلول قوية ومجدية تصمد في وجه كل هذه التحديات التي يواجهها طوارئ السلمانية وبقية الأقسام -وأخص بالذكر قسم الباطنية- حتى لا يكون العمل بمجمع السلمانية الطبي بيئة طاردة للكفاءات البحرينية وحتى الأجنبية كذلك، فالطبيب الذي لن يجد نفسه في مكان عمل آمن سيكون من المستحيل استمراره فيه، وإن ظل فيه سيكون عمله مشوهاً وناقصاً ويعتريه الخطأ بسبب الضغط الشديد، وحين يكون الخطأ من طبيب يعيش تحت الضغط بمجمع السلمانية فهذا يعني موت مزيد من المرضى أو إصابتهم بانتكاسات قد تهدد حياتهم، فإذا وصل الأمر إلى ضرورة الحفاظ على الأرواح، يكون على الجميع ومن باب الواجب الوطني والمصلحة العامة أن يتكلموا من أجل حماية المرضى والأطباء معاً، فالوضع الطبي في مجمع السلمانية تجاوز حدود المعقول.