الحيلة نفسها التي انطلت على المنظمات الحقوقية الدولية مرات كثيرة فقالت عن البحرين ما قالت من كلام غير صحيح وغير واقعي واتخذت منها موقفاً سالباً انطلت على بعض الفضائيات والمواقع الإلكترونية غير الفضائيات والمواقع «السوسة» فسارعت إلى بث أخبار سالبة عن البحرين من مثل أن «الحكومة تحارب عاشوراء وأنها تضيق على المعزين والقراء الحسينيين بمنعهم من دخول مناطق معينة وباستدعائهم والتحقيق معهم وعرض بعضهم على النيابة العامة وأنه لهذا خرج المعزون في مظاهرات ودخلوا في مواجهات مع رجال الأمن». هذا يعني أن ذلك البعض الذي حرص على نشر هذه المعلومات غير الصحيحة تمكن من الوصول إلى «قلب» تلك الفضائيات والمواقع الإلكترونية وسيطر على تفكيرها وسلوكها حتى صارت مثل تلك المنظمات الحقوقية تأخذ بكل ما يصلها منه من دون التثبت منه ومعرفة مدى دقته وصحته والمسارعة في بثه ونشره .
ما تم تناقله عن البحرين في الأيام القليلة الماضية التي تم خلالها إحياء مراسم عاشوراء يؤكد هذه الحقيقة، ويؤكد أن الحاجة باتت ماسة إلى قيام الجهات ذات العلاقة ببيان الحقائق وتفنيد الادعاءات وتوفير كل ما يلزم من معلومات وأدلة على أن ما قيل عن البحرين في تلك الأيام غير صحيح وغير دقيق وغير واقعي وغير منطقي وأن الهدف منه هو تشويه السمعة وتأليب الناس في الداخل والخارج ضد الحكومة التي لم تتأخر يوماً على مدى عشرات السنين عن توفير كل ما يسهل على المحتفلين بذكرى عاشوراء ويعينهم على أداء التزامهم السنوي على أكمل وجه ومن دون منغصات.
ليس صحيحاً ما قيل إن هذا العام اختلف عن الأعوام السابقة وأن نظرة الحكومة لهذه المناسبة تغيرت في السنوات الخمس الأخيرة على وجه الخصوص وأنها صارت تتعمد وتتفنن في وضع العراقيل وكل ما تعتقد أنه يمكن أن يعيق ويزعج المشاركين في عزاء الحسين ويغيظهم، فما قدمته الحكومة في هذا العام لم يختلف عن الذي قدمته في الأعوام الماضية بل على العكس كان أكثر، الفارق الوحيد هو أن البعض سعى إلى حرف المناسبة وخلط الدين بالسياسة حيث اعتبر مناسبة عاشوراء فرصة لتحقيق أهداف سياسية ولمناكفة الدولة وإزعاجها وهو ما لا يمكن لأي حكومة أن تقبل به فكيف بالحكومة التي تسخر كل أجهزتها لخدمة عاشوراء وتوفر كل ما يحتاجه المشاركون في إحياء هذه المناسبة التي تهتم بها مملكة البحرين كثيراً؟
الدليل على أن الحكومة عملت على إنجاح موسم عاشوراء هو أنه انتهى على خير ومن دون مشكلات، وهذا يعني باختصار أن الحكومة تجاوزت عن كثير من الأخطاء والتجاوزات وحرصت على ألا يكون ذلك سبباً في زيادة الشرخ وزيادة رقعة المشكلات في البلاد. أما مسألة استدعاء بعض الخطباء والرواديد فتدخل في باب الحرص على عدم تحويل مناسبة عاشوراء إلى مناسبة سياسية وحرفها عن مقاصدها، فهذا الموسم موسم عزاء وحزن على ما أصاب أهل البيت في كربلاء وليس من اللائق إقحام مشكلاتنا السياسية وغير السياسية والتي يمكن حلها بطريقة أو بأخرى في هذه المناسبة التي لها خصوصيتها وينبغي المحافظة عليها.
الحقيقة التي ينبغي أن يدركها الساعون إلى خلط الدين بالسياسة هي أنه لو أن الحكومة سمحت بذلك وقبلت بإقحام تلك المشكلات في عاشوراء لتأثرت المناسبة وتضررت ولتحولت المسيرات الحسينية في الأعوام التالية إلى مظاهرات وهتافات لا علاقة لها بالحسين وكربلاء، وإن رفعت خلالها الرايات الحسينية.
مناسبة عاشوراء لها خصوصيتها وظروفها، والسماح لـ «السياسيين» بحرفها يسيء إليها ويحولها من مناسبة دينية بحتة إلى فرصة لممارسة العمل السياسي المفتوحة له كل شهور السنة، وهذا أمر يفترض ألا يغيب عن المعنيين بإحياء هذه المناسبة والحريصين على نجاحها.