لم تكن الجريمة الإلكترونية منتشرة كما اليوم، وقد تطورت قدرات الدولة في مجال مكافحة هذا النوع من الجريمة، وهناك فريق كبير متخصص يعمل في وزارة الداخلية على مثل هذا النوع من الجرائم، رغم غياب الإحصائيات الرسمية التفصيلية الخاصة بهذا النوع من الجرائم. ليست المشكلة في فريق مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي نقدر كافة جهوده وندعمه، بل المشكلة في وجود فراغ تشريعي كبير في هذا المجال، والرتم التشريعي يعد بطيئاً للغاية إذا ما قورن بتسارع وتيرة المجرمين الإلكترونيين القادرين على تطوير أساليب وحيل وبرمجيات يحققون أهدافهم من ورائها. هناك قطاعات عديدة مازالت بعيدة عن التنظيم والتشريع، وتدخل تحت باب الجرائم الإلكترونية، فعلى سبيل المثال المستندات الإلكترونية الحكومية مازالت بدون غطاء تشريعي واضح يعالج كافة مجالات التعامل معها. سواءً في كيفية التعامل مع التسريب، أو التعامل مع انتقالها من وزارة إلى أخرى، إضافة إلى مسائل تتعلق بسرية هذه الوثائق. كذلك التعامل مع المعلومات والبيانات الحكومية عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي يعتقد الكثير من المسؤولين أنها باتت أسرع وأكثر أماناً لنقل البيانات. فصارت العشرات من المستندات الحكومية تنتقل عبر تطبيق الـ «واتس آب» مثلاً دون وجود قانون أو نظام أو لائحة أو قرار ينظم كيفية التعامل مع المستندات الحكومية من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. من المؤلم أن نرى بين وقت وآخر تسريب لوثيقة حكومية حول قرار أو قضية أو موقف معيّن، وتنتشر كالبرق عبر الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي. ليست المشكلة هنا في تسرب قضية أو موضوع، بل المشكلة في وجود ثقافة عامة لدى موظف القطاع العام تقلل من مسؤولية كل موظف في التعامل مع الوثائق وخصوصيتها وسريتها. رغم حداثة العالم الافتراضي في البحرين والعالم، إلا أن بيئة تكونت منذ منتصف تسعينات القرن العشرين، ولم تعالج حتى الآن، هذه البيئة تشكل جزءاً أساسياً من الجرائم الإلكترونية، وهي المكوّنة والحاضنة لها، ولم يتم التطرق لها باستثناء محاولات تشريعية بين وقت وآخر، أو مباشرة هذا النوع من الجرائم. إضافة إلى ذلك فإن هناك انفصاماً لدى المواطن الذي قد يرى في من يسرق أمامه جريمة، لكنه لا يدرك أنه عندما يرسل بعض المواد الإعلامية عبر هاتفه من خلال تطبيق الـ «واتس آب» يعد جريمة إلكترونية وهو لا يعلم. كل ذلك نتاج البيئة التي تكونت في المجتمع البحريني، وحان أوان مواجهتها لأن الجرائم الإلكترونية الناتجة عنها تعد تهديداً وتحدياً مستقبلياً لأمننا.