لم تتوانَ إيران عن استغلال موسم عاشوراء لإظهار المزيد من الكيد والغل والحقد على الأمة العربية والإسلامية، وتحديداً على دول الخليج العربي، وكأن هذه الجمهورية الطائفية تجد في هذه المناسبة فرصة ذهبية لتنفيذ ما هي بارعة ومحترفة فيه من تلك الصفات الآنفة الذكر.
فقبل أيام، أعلنت دولة الكويت الشقيقة عن «القبض على إيرانيين قاما بالتجسس على إحدى الحسينيات في محافظة حولي وعلى مواقع أخرى»، وذلك قبل أيام من يوم عاشوراء، وأكدت أن الشخصين تم ضبطهما وعثر على صور في هواتفهما المحمولة «تثير الريبة والاشتباه، وقد دخلا البلاد كل على حده في الشهرين الماضيين وبتأشيرات إقامة».
وفي الهند، اجتمع بعض ائمة الجمعة من رجال الدين الشيعة هناك، يتقدمهم الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت، محمد أختري، ليس من أجل التطرق إلى أهمية ومكانة صلاة الجمعة عند المسلمين، أو للتأكيد على المعاني السامية والقيمه لموسم عاشوراء، بل خلطوا كل ذلك بكلمات تحمل كل معاني الكيد والغل على الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وذهب أختري في كلمته إلى ما هو أبعد من ذلك عندما قلب الأدوار في اليمن وسوريا والعراق، لصالح إيران طبعاً.
أما في البحرين، فبالتأكيد التحريض لم يتوقف، ويكفي فقط أن نأخذ جولة سريعة على الإعلام الإيراني والقنوات الفضائية المدعومة من النظام لنجد كماَ وافراً من الأخبار المضللة عن البحرين وما تحمله من تحريض وفتنة، وبالذات في مناسبة مثل عاشوراء، فهي عند النظام الإيراني موسماً تتاجر فيه، ويقدم منتجهم الإعلامي المغشوش سواء عن البحرين أو غيرها، كالكذب والتدليس الذي يتداوله الإعلام الإيراني عن زعمهم «بإساءة السلطة في البحرين وتعديها على شعائر عاشوراء»، أو «تعطيل السلطة البحرينية لدخول الشيخ الفلاني للبحرين لإحياء موسم عاشوراء»، وغيرها من تلك الأخبار الكاذبة.
ولم تسلم السفينة الإماراتية «سويفت» التي كانت تقل مؤن إغاثية وطبية للأشقاء اليمنيين من الإرهاب، عندما تمت مهاجمتها من قبل ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بالقرب من مضيق باب المندب، وما صاحب هذا الهجوم من تهم وجهتها قناة «فوكس نيوز» الأمريكية إلى إيران، والتي نقلت عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية قوله: «إن الصواريخ التي استخدمها المتمردون الحوثيون في اليمن لمهاجمة سفينة المساعدات الإماراتية صواريخ إيرانية الصنع».
إيران بطبيعة الحال نفت ذلك، وهذه عاداتها دائماً، ولكن لو رجعنا إلى الأصل، فإن جماعة الحوثي الإرهابية، مدعومة من إيران، بل وتتلقى تدريباتها العسكرية من إيران و»حزب الله» في كل من لبنان وسوريا، كما نقلت صحيفة «عكاظ» السعودية، ذلك قبل أيام، عن مصادر لبنانية، أكدت على أن «النظام الإيراني أنشأ معسكرين لتدريب عناصر ميليشيات الحوثي أحدهما في مدينة القصير السورية، والثاني في جرود بعلبك داخل الأراضي اللبنانية بإشراف الحرس الثوري وقيادات في «حزب الله»، وأن هناك رغبة إيرانية في إنشاء لواء حوثي مقاتل يكون أشبه بميليشيا «حزب الله» الخاصة في لبنان»، مقدرة تلك المصادر بأن «عدد عناصر الميليشيات التي تخضع للتدريب بنحو ثلاثة آلاف مقاتل بينهم عدد كبير من الطلبة اليمنيين الذين كانوا يتابعون دراستهم في الجامعات السورية واللبنانية».
لذلك لا عجب ولا غرابة عندما تكون إيران ضالعة في الهجوم الذي تعرضت له السفينة الإماراتية، ولا عجب أيضا أن تكون إيران دست جواسيسها في الكويت تحت غطاء «الحسينيات» في موسم عاشوراء، ولا غرابة أبداً عندما تهم عناصر خارجة عن القانون في البحرين لاستغلال هذا الموسم في تنفيذ أعمال شغب، فهي لا تقوم بتك الأعمال من تلقاء نفسها، بل بتحريض إيراني، دون مراعاة واحترام لا للشهر الحرام ولا لذكرى عاشوراء.
هكذا هي عادات النظام الإيراني في كل مناسبة، سواء كانت سياسية أو دينية أو اجتماعية أو عسكرية ، فلا يحترم هذه المناسبة، ولا يتركها تمر على خير، بل يسعى هذا النظام إلى استغلال هذه المناسبات لتنفيذ أجندته الطائفية القائمة على الفتنة والتفرقة، ويعمد إلى الزج بدولنا الخليجية فيها في محاولات ومساع منه لا تنتهي لشق الصف الواحد وتأجيج وتغذية الطائفية، فهذا ديدن هذا النظام وهذه هي عاداته وتقاليده مع العرب وغيرهم، وقد يتطرق النظام الإيراني إلى مناسبة عاشوراء وما تحمله من ذكرى ولكن لابد له من ممارسة ما يبرع فيه من فتنة خلال هذا الموسم، ولن يستغني بالتأكيد عن محاولات النيل من دول الخليج العربي بكل وقاحة وكذب وضلال وتضليل وتحريض، فهذا النظام لم يحترم موسماً كعاشوراء فكيف سيحترم مناسبات أخرى؟!