البعض شارك في حرب أكتوبر، والبعض عايش الحرب روحاً، وتمنى أن يكون في أرض المعركة، أما من ولدوا بعد الحرب فهم يتفاعلون عند ذكرى حرب أكتوبر، بوطنية الوحدة العربية، حرب أكتوبر، التي تحالفت فيها مصر مع سوريا ضد العدو الإسرائيلي، في عام 1973، وذلك لاسترداد ما اغتصبته إسرائيل من أراض في كل من مصر وسوريا – قناة السويس وسيناء في مصر، ومرتفعات الجولان في سوريا – كان هجوم الجيش المصري والسوري على إسرائيل هجوماً مفاجئاً على القوات الإسرائلية المحتلة في سيناء والجولان.
انتهت الحرب في مايو 1974 باتفاقية فك الاشتباك واستردت بذلك مصر السيادة الكاملة على قناة السويس وجميع الأراضي في شبة جزيرة سيناء، كما استردت سوريا جزءاً من مرتفعات الجولات بما فيها مدينة القنيطرة.
ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر ذكرى عزيزة على كل مصري وعربي، فهذه الذكرى، ذكرى خالدة في العمق العربي، التي سطر فيها أبناء مصر وسوريا أروع البطولات، وأجمل التحالفات، ضد العدو الإسرائيلي، الذي زرع عداءه ضد العرب، لاغتصاب أرضهم واحتلالها، ومحاولة في تغيير خارطة الشرق الأوسط، ومحو كل عربي، واجتثاثه من أرضه.
نتائج الحرب ليست في استرداد الحق والأراضي المختصبة فقط، وإنما أيضاً درس عظيم في كيف تكون الأمة العربية بتحالفها؟ وكيف أن العدو الإسرائلي هزم في أكتوبر وسيهزم إن شاء الله عاجلاً أم آجلاً.
نتائج الحرب أيضاً تعبر عن وقفة عظيمة سجلها التاريخ لبعض الدول العربية في تحالفهم مع مصر من خلال سلاح النفط، ففي أغسطس 1973 تحالف الزعيم المصري أنور السادات مع الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمها الله، لوقف ضخ النفط للغرب عندما تبدأ الحرب، وبالفعل في أكتوبر، اجتمع وزراء الخارجية العرب في الكويت، وتقرر خفض إنتاج النفط ورفع سعره، بعدها قررت الولايات المتحدة منح إسرائيل 2 مليار دولار كمساعدات عاجلة لإسرائيل، حينها نبض الدم العربي، وحظرت الدول العربية الصادرات النفطية على الولايات المتحدة وكل من يساند إسرائيل مما أدى إلى خلق أزمة حقيقية.
الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، كان موقفه إزاء الحرب واحداً، لم يتغير، برغم الضغوط الكبيرة، ولا ننسى مقولته «إن ما نقدمه هو أقل القليل مما تقدمه مصر وسوريا من تقديم أرواح جنودها فى معارك الأمة المصيرية، وإننا قد تعودنا على عيش الخيام، ونحن على استعداد للرجوع إليها مرة أخرى، وحرق آبارالبترول بأيدينا، وألا تصل إلى أيدي أعدائنا»، رحمه الله.
كما كان لمملكة البحرين موقف مشرف، وقد ذكر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كتاب «الضوء الأول» عن حرب أكتوبر – وقد اقتبست البعض من صحيفة «الأيام» – وقد كان جلالته حفظه الله حينها ولي العهد وقائد قوة دفاع البحرين، يقول جلالته «إن ما جرى فى خليجنا العربي عامة وفي البحرين خاصة يكاد يكون خافياً على كثير من أبناء أمتنا العربية، فقد كان لقوة دفاع البحرين دور فى حرب رمضان المجيدة عام 1393هـ - 1973م، وذلك بموجب قرارات مجلس الدفاع المشترك بالجامعة العربية، حيث أنيط بقواتنا مهمة إسناد المعركة من خلال ارتباطها بالقوات السعودية الشقيقة حال اشتراكها بالقتال على الجبهة الشرقية من ساحة العمليات، أو على أية جبهة أخرى تحت إمرة القيادة المشتركة وبناءً على ذلك قمنا بتشكيل أول مجموعة قتال للاشتراك في هذا الواجب المقدس.
وإضافة للدور العسكري، فقد كان للبحرين دورها في التضامن مع بقية الدول الشقيقة في وقف إنتاج النفط ومنعه عن الدول التي تساند العدو، هذا عدا عن إسهام البحرين أميراً وحكومةً وشعباً بالمشاركة الفعلية بالمجهود المادي والمعنوي، تلك هي حقائق ساطعة وظاهرة للعيان.
لقد كانت الأمة العربية كلها في خندق واحد جسد الإرادة العربية والتلاحم العربي في وجهة العدوان»، ويضيف جلالته حفظه الله «وجاءت حرب «أكتوبر» 1973 لتؤكد قناعتنا بالمعاني والقيم التي عرفتها مختلف شعوب العالم عن هذه الأمة عبر تاريخها المجيد، وسجل المقاتل العربي صفحة شرف جديدة وبعقلية متطورة، وأضاف ببطولته ومهارته مبادئ جديدة على العلم العسكري، وأثره في الدروس المستفادة، وأسقط جميع الادعاءات الباطلة التي أرادت الصهيونية إلصاقها به بعد هزيمة يونيو 1967، ولقن العدو درساً لن ينساه، وسوف يظل العمل الكبير الذي أنجزه المقاتل المصري العربي موضوعاً للدراسة والإلهام لأمتنا العربية الخالدة».
هذه كانت مواقف عربية مع حرب أكتوبر ومواقف تاريخية عظيمة لا تنسى ولن تمحى، وما بعد كلام، حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه عن حرب أكتوبر، كلام.