نظراً لكون عقود الشراكة إجمالية بطبيعتها تتضمن كل المراحل بدءاً من تصميم المشروع وانتهاءً بالتشغيل والصيانة، فإن ذلك يؤدي إلى نشوء عدة روابط عقدية خلال مدة العقد. ونظام عقد الشراكة يبقي المتعاقد مع الإدارة متحملاً لهامش من المخاطر طوال مدة التنفيذ، ترتبط بأسلوب الحصول على حقوقه المالية، وما تملكه الإدارة من سلطات استثنائية، كتوقيع الجزاءات المختلفة التي تؤدي إلى حدوث مخاطر حقيقية على المتعاقد بسبب ارتباط تنفيذ هذه العقود بمحتوى اقتصادي ومالي وقانوني متطور يحمل ذلك المتعاقد بأعباء كبيرة تحت إشراف الجهة الإدارية المتعاقدة.
وكضمانة للمتعاقد في ظل الظروف الخاصة المحيطة بذلك النوع من العقود، فإنه يسعى قبل توقيع العقد إلى تضمينه شرطاً يتم بموجبه التزام الطرفين بتوازي المخاطر المختلفة التي قد تنتج أثناء التنفيذ أو طوال مدة العقد. وذلك من خلال مرحلة تقييم أولي ودراسة الجوانب المالية للمشروع محل العقد وبيان مختلف فروضه الفنية، مع الأخذ في الاعتبار لحجم المخاطر بالمقارنة بين تكلفة العمليات الإنشائية وما تتطلبه من وسائل تقنية فنية في محيط تكنولوجي معين. إضافة إلى ضرورة تحديد أسس تقييم المخاطر بالنسبة للمشروع بكامل مراحله.
وتتعدد المخاطر التي يمكن أن تكون محلاً للتصنيف المبني على دراسة فنية لهذه المخاطر وتسهل عملية التوزيع بين الطرفين، فقد تكون المخاطر سياسية، تتمثل في عدم الاستقرار السياسي في الدولة وما تؤدي إليه من تغيرات محتملة في الحكومات وتعرض المشروع لمخاطر الاسترداد، وقد تكون نتيجة لمعارضة من قبل بعض التشكيلات الاجتماعية، تبعاً لطبيعة المشروع، كما هو الحال في مناهضة المدافعين عن البيئة لمشروع إنشاء محطات توليد كهرباء تعمل بالطاقة النووية. وقد ترتبط المخاطر بأعمال الإنشاءات، مثل التقديرات الخاطئة لتكلفة المراحل الإنشائية وما ينتج عنها من تجاوز القيمة التقديرية للمشروع كأثر للتعديلات الواجب إدخالها في النواحي الفنية والزمنية المتفق عليها.
كما توجد العديد من المخاطر الجيولوجية، ومخاطر الحفريات الأثرية، والمخاطر المناخية، والتأخير في الدخول إلى الموقع، والحصول على التراخيص الإدارية الضرورية لبدء الأعمال، ومخاطر تأمين الموقع والتعديلات التشريعية والإدارية، والصعوبات المالية والفنية.
كما توجد العديد من المخاطر الأخرى المتعلقة بالتشغيل والاستغلال، وبعمليات التأمين، وبتطور سعر الفائدة والتضخم، وبإسقاط الالتزام أو إنهاء العقد قبل مدته المتفق عليها.
وصفوة القول إن مبدأ توزيع المخاطر يختلف عن نظريات التوازن المالي للعقد، من حيث سعي المتعاقد مع الإدارة إلى إدراجه كشرط من شروط العقد قبل توقيعه، وبالتالي يصبح التزاماً مفروضاً على طرفي العقد، على عكس نظريات التوازن المالي التي هي عبارة عن نظريات قضائية النشأة، أي تم ابتداعها بعد وصول النزاع إلى المحاكم، وما زالت كذلك.
كما أنها تختلف عن مبدأ توزيع المخاطر من حيث كون هذا الأخير يتغيا المخاطر العادية المترتبة كأثر لاستغلال المرفق العام تحت مسؤولية المتعاقد، أما المخاطر غير العادية فإما أن تؤدي إلى استحالة التنفيذ، كالقوة القاهرة، فيتحرر المتعاقد من الالتزام بالتنفيذ بسبب هذه الاستحالة، وإما أن تؤدي إلى قلب اقتصاديات العقد أو قواعده المالية المتفق عليها عند إبرامه في ضوء معطيات محددة ومعلومة، وفي هذه الحالة يستفيد المتعاقد من معاونة جهة الإدارة له بتطبيق نظرية الظروف الطارئة بشرط مواصلته التنفيذ.