بعد مرور ثلاثين عاما من تأسيس إيران لتنظيم «حزب الله» في لبنان، وإنكار المسؤولين الإيرانيين المستمر عن علاقة بلادهم بهذا التنظيم اعترف أمينه العام حسن نصرالله بالحقيقة وقال بصريح العبارة إن «نظام الملالي هو الذي أسسه ويقوم بدعم هذا التنظيم العسكري ويوفر له كل ما يحتاجه وأنه هو الذي يدفع رواتب المنتمين إليه والأسلحة وأن كل هذا يمر عبر طرق لا يستطيع أحد اكتشافها».
بناء على هذه الحقيقة يمكن القول إن ما قاله أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني وقائد الحرس الثوري الأسبق محسن رضائي خلال مقابلة مع «كريستين ساينس مونيتور» الأمريكية أخيراً وتضمن الكثير من الاعترافات المهمة يستحق عليه الكثير من الشكر، والسبب هو أنه وفر على العالم كله الكثير من الوقت لمعرفة ما يجري في المنطقة والدور الذي تقوم به حكومة الملالي في سوريا واليمن والبحرين بشكل خاص.
في تلك المقابلة قال رضائي إن بلاده «لن تتخلى عن حلفائها» في هذه الدول وإنها «ستواصل دعمهم سياسياً ومعنوياً». وقال أيضاً ما معناه إن «ما تقوم به إيران هو جزء من الحرب الدائرة بينها وبين السعودية، وإن طهران «ستستمر في الحرب الدعائية ضد السعودية ما لم يتغير سلوكها في المنطقة»، وغير هذا من كلام قاله بوضوح كاشفاً بذلك جانباً من خطط إيران وتكتيكاتها لتحقيق أطماعها في المنطقة لاستعادة الإمبراطورية الفارسية .
كل ما قاله رضائي في تلك المقابلة مهم ويستدعي التحليل والدراسة من قبل المعنيين في مختلف دول مجلس التعاون واتخاذ المواقف المناسبة بشأنه وخصوصا تأكيده على أن إيران «لن تتخلى عن حلفائها في البحرين وأنها ستواصل دعمهم سياسيا ومعنويا»، ففي هذا اعتراف صريح جدا بأن إيران هي التي حركت ولا تزال تحرك ذلك البعض في البحرين وأنها مقبلة على المزيد خاصة بعد اقتراب البحرين من الخروج من المشكلة التي تم إدخالها فيها عنوة منذ أكثر من خمس سنوات.
ليس هذا فحسب، فما قاله رضائي قد يعني أنه يوجد فريق بديل عن الفريق الذي تم اكتشافه تعتمد عليه في مواصلة المشوار، أي أن ما تم اكتشافه هنا ليس إلا جزءا من منفذي المهام وليس كلهم وإنه يتوفر دائما من يمكنه القيام بباقي المهام. وهذا أمر خطير.
استمرار الإعلام الإيراني في الزعم أن «البحرين صارت محتلة من قبل السعودية التي دخلتها قواتها تحت مظلة قوات «درع الجزيرة» التابعة لمجلس التعاون»، واستمرارها في دعم من تم اكتشافه من عناصرها حتى الآن يعني أنها ستواصل في هذا الطريق خصوصا مع قول رضائي إن «بلاده في صراع مع السعودية»، وتطرقه في تلك المقابلة أيضا إلى جانب من سيناريو الحرب المتوقعة بين البلدين عندما قال «إن إيران لن تبدأ الحرب على السعودية ما لم تكن هي المبادرة وإنها ستهاجم من الجو والبحر إذا ما اندلعت الحرب لأنها لا تملك حدودا برية مع السعودية».
ما قاله رضائي «مشكورا» وفر الكثير من الوقت والجهد وأكد أن تلاحم دول التعاون في هذه المرحلة مسألة أكثر من مهمة لأنها إن لم تتلاحم الآن وتتحد لتواجه الخطر الإيراني معا فستأكلها إيران تباعا كما أكلت العراق وسوريا ولبنان من قبل، وأنها سيسهل عليها ذلك لو أنها تمكنت من اليمن أو تمكنت من إطالة أمد الحرب فيه، فإيران تراهن على تدهور الوضع المالي للسعودية بسبب تضرر سعر برميل النفط، وعلى إنهاك جيشها الذي صار يحارب في عدة جبهات. وبالتأكيد فإن إيران ليست غافلة عن الداخل السعودي الذي ستكرر معه اللعبة نفسها التي مارستها في البحرين، والغالب أنها مارستها أو ستمارسها في دول الخليج الأخرى.