هي أسطوانة «مشروخة» دائمة، تلك التي تطالعنا بها «دكاكين» حقوق الإنسان، وللأسف هو انحطاط واضح وصل حتى ليضرب مفاصل الكيانات الدولية الكبيرة في مجال حقوق الإنسان، حتى تحولت العملية وكأنها «سوق نخاسة» رخيص ووضيع.
مصداقية هذه الكيانات باتت في الحضيض، فلا هي ماضية لإقناع الناس بالحيادية حينما تغلب كفة أطراف على أخرى، خاصة حينما تكون الأطراف التي تنتصر لها هذه الجهات لها ضلوع في أعمال العنف والشغب والتطرف والإرهاب، فقط لأن هذه الأطراف تقف على ضفة أخرى مغايرة من الحكومات والأنظمة الرسمية.
فقط إن كنت ضد نظام شرعي في بلد ما، بالأخص إن كان بلداً في الخليج العربي، ستجد لك جوقة طويلة لا تنتهي من هذه «الدكاكين» التي ستصفق لك وتهتف وستدافع عنك حتى وإن كنت تمارس الإرهاب والفوضى وحتى لو كان خطابك عنصرياً طائفياً، مثلما يحصل في البحرين.
للأسف هذه الجهات هي «عارٌ» على حقوق الإنسان، هي تدافع أصلاً عن حقوق «بعض» البشر، والمخجل أن من تدافع عنهم هم من وثق التاريخ بحقهم قيامهم بكل الأفعال الشنيعة التي لا تصدر إلا عن «انقلابيين» أو «محتلين».
فمثلاً أي جهة حقوقية محترمة ستدافع بعدالة عن جمعيات وجهات خطابها تحريضي عنصري تقسيمي، جمعيات تصف رجال الأمن الذين يحمون بلادهم بـ«المرتزقة»، جمعيات خطابها طائفي مبني على التقسيمة المذهبية، يصفون أتباعهم بـ«الحسينيين» والآخرين من حكومة ومذهب آخر وطوائف أخرى بـ«اليزيديين»، في شعارات لم تستخدم تاريخياً قبل 1400 عام إلا بدواعي الحرب وقتل الآخرين؟!
أي جمعيات وكيانات محترمة هذه، تلك التي تبلغ فيها درجة «السذاجة» بما تعرفه عن الشأن البحريني، ألا تدرك حجم الضلوع الإيراني في عملية التحريض وتجنيد العملاء وصناعة الطوابير الخامسة لاستهداف بلادنا؟!
أي «جاهل» بالتاريخ السياسي في منطقة الخليج العربي يعرف بكل بساطة، أن البحرين كانت ولاتزال وستظل هدفاً إيرانياً، وفق ادعاءات التبعية الجغرافية أو ادعاءات السيادة، وأن ما يخدم إيران في المسألة وجود عملاء وخونة في الداخل يعملون على الإعداد لانقلاب وراء آخر.
المهزلة في لجان حقوق الإنسان الدولية تتمثل بأنها لا تدين صراحة الإرهاب الممارس باسم «المعارضة»، ولا تستنكر عمليات استهداف وقتل الشرطة في البحرين، ولا تنطق بحرف ضد إقلاق الأمن القومي وتعريض حياة البشر الأبرياء للخطر، رغم أن الأدلة والشواهد حاضرة.
هذه اللجان «هزلية» بالفعل، رغم أنها كيانات دولية يفترض أن لها وضعها الاعتباري الذي يفرض عليك احترامها، لكن عندما يبيع هذا الكيان احترامه واعتباره أمام أهواء شخصية لأفراده، أو أمام أجندات مخفية، أو بسبب أحقاد وضغائن على الأنظمة الحاكمة في الدول الخليجية بالذات التي ترى فيها دولاً أخرى تفوقت عليها في الاقتصاديات والقوة، رغم أن لها وضعها الاعتباري، لكنها تصل لمرحلة يجعل احترامها «جريمة» ترتكبها بحق نفسك، إذ كيف أحترم كياناً وكأنه لا يرى الجرائم الشنيعة بحق البشرية المرتكبة في إيران؟! كيف لا يرى أكبر انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا؟! كيف لا ينطق ويبح صوته لحماية ملايين البشر من الموت والتعسف والقهر في هذه المناطق؟!
تجد هذه اللجان «الفاشلة» في أفعالها «الفالحة» في تصريحاتها الكلامية، تجد المساحة لتستهدف البحرين بين الفينة والأخرى، استهدافاً غير مهني، بل غبياً، لأنه رغم التواصل مع الأجهزة المعنية بالبحرين، ورغم عديد من المعلومات الموثقة والردود الواضحة، فإنها تفضل أن تغلب فبركات وأكاذيب وتضخيمات تمدها بها عناصر شاركت في الانقلاب على النظام والقانون ببلادنا، تأخذ معلوماتها من عناصر تعرف تماماً حجم ولائها وارتباطها بإيران الكارهة للبحرين، وتتجاهل ما تقوله البحرين رسمياً.
مثل هذه اللجان تصدر بيانات يعتاش عليها الانقلابيون، ويهللون لها بشكل وقتي، لكن في الحقيقة هي تقارير لا تهش ولا تنش، «كلام فاضي»، لأنه لو كان خلاف ذلك، لقامت هذه اللجان «الهزلية» بفعل شيء وتحقيق أشياء في الجرائم الإنسانية الحقيقية في إيران وسوريا.
البحرين قالت ما لديها مرات ومرات، لكن واضح بأن «هوى» هذه اللجان «متجانس» مع هوى الانقلابيين وأضداد الحكومات وممارسي الإرهاب.
بالتالي كل إناء بما فيه ينضح، أبطال الكلام الفاضي تركوا إيران وسوريا وركزوا على البحرين، والخلاصة بأن ابحثوا بين ظهرانينهم وفي مكاتبهم الخلفية عن تلك العناصر المخترقة والمجندة، إذ من قال بأن هذه اللجان مثال للنزاهة والأخلاقيات والدفاع «الحقيقي» عن الإنسان؟!