عندما تعمل بجد وإخلاص وتفانٍ رغبة منك في التطوير والإصلاح والتقدم في موضوع معين، وتبذل في سبيل تحقيق ذلك كل الوسائل الممكنة والمتاحة، من إمكانيات مادية وبشرية، ثم يأتي شخص ما لينسف بكلمات غير مسؤولة كل تلك الجهود المضنية، ويقلل من شأنها، فالعيب هنا من هذا الشخص وليس من بذل الجهود والإمكانيات في التقدم والتطوير. هذا ما ينطبق بالضبط على ما يحدث الآن بين مملكة البحرين والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، فالكلمات التي نطق بها لسان الأمير زيد بن رعد المفوض السامي لحقوق الإنسان في افتتاح أعمال الدورة الـ33 لمجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة، تلك الكلمات لا تصدر من شخص بحجم ومكانة الرجل، فما جاء على لسانه بشأن البحرين غير مقبول أبداً. لا يمكن لرجل ينشد الإصلاح والتطور في حقوق الإنسان أن يخاطب دولة لها كيانها السياسي وعضواً في الأمم المتحدة بكلمات مبتذلة، وسطحية مثل «سحق» و»امتثال» و»كارثة»، فتلك كلمات رخيصة لا توحي بالاحترام من هذا الرجل لمملكة البحرين، فأرجو أن ينتقي كلماته بعناية وهو يخاطب دولة، أو بما أنه يقرأ ما يكتب له، فأضعف الإيمان أن يوجه فريق عمله لاختيار كلماتهم بعناية ليؤدي دوره في قراءة بيانه بشكل مقبول، إلا إذا كان الأمير متعمداً أن يستفز البحرين وشعبها بتلك الكلمات فهذا شأن آخر. إذا أراد الأمير زيد بن رعد أن يتعرف على ما حققته البحرين في مجال حقوق الإنسان فعليه أن يستقي معلوماته من مصادر معلومة ومعروفة، لا أن يذهب يمنة ويسرة أو ينتقي ما يريد انتقاءه ثم يعلنه على الملأ في جنيف، وكأن البحرين دولة مضطهدة لحقوق الإنسان، وكأن الدولة ليس لها منجزات في هذا المجال، وكأن هذه المملكة لا تعرف للديمقراطية سبيلاً ولا تحفظ الحقوق ولا تصون الحريات. إن المصداقية والدقة وأمانة النقل كانت جميعها مفقودة في كلمة المفوض السامي، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الفريق الذي يزوده بالمعلومات إما جاهل أو متجاهل لحقيقة الأوضاع في البحرين، والمطلوب هنا أن يصلح المفوض فريق عمله قبل أن يطالب الدول بإصلاح نفسها. ندرك جيداً أن البحرين مستهدفة من منظمات مشبوهة تتخذ من حقوق الإنسان ساتراً لممارسة استهدافها للبحرين، ولكن أن تشترك الأمم المتحدة في هذا الاستهداف عبر مفوضها فهذا غير مقبول، وأرجو من البحرين ودول الخليج العربي والدول العربية أن يكون لها موقف حازم في هذا الشأن، فصحيح أن الدول الخليجية والعربية وقفت موقفاً مشرفاً مع البحرين ضد ما تفوه به المفوض السامي، ولكن ذلك لا يكفي، وأتمنى أن يصدر بيان عربي مشترك أو شكوى رسمية من خلال جامعة الدول العربية ضد المفوض تصل إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون بما أنه الشخص المسؤول إدارياً عن المفوض السامي لحقوق الإنسان. ليس من المعقول أن تذهب البحرين كل عام لتنفي فقط كلمات غير مسؤولة وليست حقيقية يتفوه بها المسؤول السامي، فالبحرين لديها إنجازات تحققت في مجال حقوق الإنسان هي موضع فخر لنا نحن شعب البحرين، ومن حقنا أن نبين إنجازاتنا للآخرين، لنصحح معلومات خاطئة ينطق بها الآخرون، وهذا أمر غير مقبول منهم. على المفوض أن يبحث بجدية في الشكوى التي قدمها له الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان فيصل فولاذ بالنيابة عن ست جمعيات حقوقية «غير حكومية» مسجلة رسمياً في البحرين، ضد المكتب الإقليمي للشرق الأوسط في بيروت التابع إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان بسبب عدم تعاونه مع الجمعيات الحقوقية العاملة بالميدان بالبحرين، وإصرار المكتب على عدم الاهتمام بتقارير تلك الجمعيات وبياناتها المرسلة له، وعدم رفعها إلى مكتب المفوض السامي في جنيف، وانتقاء هذا المكتب لشخصيات مشبوهة ومنظمات لها أهداف مسيسة ضد البحرين، فهل سيأخذ المفوض السامي تلك الشكوى على محمل الجد؟