بانتهاء فعاليات الملتقى الحكومي 2016، فإن أجواء الإشادة يجب أن تنتهي سريعاً، والاحتفاء الذي يقوم به بعض المسؤولين للملتقى يجب أن يتوقف. فثقافة التغيير والابتكار لا تحتاج لكل ذلك، بل تحتاج للشروع في العمل بعد أن انتهى التخطيط، وهذه الجدية كانت واضحة في خطاب الملتقى.
الاتجاهات الاستراتيجية المستقبلية للبحرين صارت أكثر وضوحاً من الأسبوع الماضي، وهي تتطلب تعاملاً مختلفاً عن مرحلة ضياع البوصلة التي عانت منها المملكة كثيراً بعد أحداث 2011. الحكومة حددت اتجاهاتها المرحلية، وهي اتجاهات مستمدة من الرؤية الاقتصادية 2030، والمطلوب الآن العمل على التنفيذ.
مئات المسؤولين التنفيذيين في الوزارات والأجهزة الحكومية حضروا الملتقى الحكومي، وهؤلاء أبدوا حماساً واهتماماً كبيراً بالعمل على تحقيق الأهداف الاستراتيجية. لكن هناك عشرات الآلاف من موظفي الحكومي لم يحضروا فعاليات الملتقى، ولم تصلهم الرسائل الأساسية من ورائه، ولم يتم رفع درجة اهتمامهم وحماسهم بالتنفيذ كالذين حضروا الملتقى.
لذلك يحتاج القطاع العام لحملة علاقات عامة داخلية للتوعية بطبيعة المرحلة الجديدة، والمبادئ التي أعلنها سمو ولي العهد، والأهداف وأدوات التنفيذ حتى يكون جميع موظفي الحكومة شركاء في التنفيذ، وشركاء في المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق الحكومة الآن.
عكفت الحكومة خلال الفترة الماضية على تدشين سلسلة من حملات العلاقات العامة محلياً ودولياً لمشاريع متعددة، وجميعها حملات مهمة وجهودها مقدرة. لكن الحملة التي نتطلع إليها الآن حملة مختلفة في أهدافها وتكتيكاتها ورسائلها الإعلامية المختلفة، وهي ليست حملة مدتها أسبوع أو شهر، بل هي حملة مدتها فترة زمنية طويلة تتوقف حين تقرر الحكومة أنها حققت الأهداف الإستراتيجية التي تبنتها، وهي أهداف لا تختلف عن تلك المحددة في رؤية 2030.
بالفعل تحتاج هذه الحملة إلى استمرارية ومدة لأنها لا تستهدف تحقيق إنجازات تقاس بالأرقام، بل تستهدف تغيير ثقافة القطاع العام حتى يتحول من المحرك الرئيس للاقتصاد، إلى المنظم والشريك للقطاع الخاص الذي سيقود اقتصاد البحرين مستقبلاً.
أحد الأهداف الاستراتيجية التي أعلنت في الملتقى إطلاق مبادرات وبرامج تساهم في تعزيز الإبداع والتفوق، وحتى تتحقق هذه البيئة لابد أن تسود ثقافة عمل مختلفة عن التي اعتاد عليها موظفو الحكومة طوال نصف قرن مضى.
الثقة بالمرحلة الجديدة مرتفعة، والطموح واسع، والأهم من هذا كله أن يعمل الجميع في القطاعين العام والخاص على إنجاز أهداف المرحلة الجديدة.