«لا يوجد أزمة عصية على الحل، هناك دائماً حلول، أحدٌ ما يجب أن يبادر بالمسير في الطريق الصحيحة. وهذا ما يحتاجه العباد وتنتظره البلاد»، هكذا كتب أحد المحسوبين على «المعارضة» في حسابه على «تويتر»، مؤكداً بذلك حقيقة لا يختلف عليها وهي أنه لا توجد أزمة لا نهاية لها، وداعياً إلى السير في الطريق المؤدية إلى تلك النهاية، ومبيناً أن هذه الطريق وهذه النهاية هما ما يحتاجه أهل البحرين وينتظرونه، وبالتالي لا بد من قيام الأطراف ذات العلاقة بمبادرة تفضي إلى النهاية المرجوة.
الطريق الصحيحة هي الطريق التي تأخذ الجميع إلى حيث الحل والنهاية، ولكن أي نهاية هذه التي يدعو إليها؟ وأي طرف ينبغي أن يتحرك كي يصل الجميع إليها؟
الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن «المعارضة» هي أنه لم يعد بإمكان الحكومة تقديم تنازلات جديدة ولا يمكنها أن تقبل بالنهاية التي تريدها ومن يقف وراءها وتسعيان إليها، فبعد كل هذه المراحل والتطورات والعناد الذي اختارته «المعارضة» منهجاً صار تقديم التنازلات من قبل الحكومة مسألة صعبة جداً، خصوصاً وأنها اليوم في موقف الأقوى والذي يمكنها من فرض شروطها.
هذا يعني أن المبادرة -أي مبادرة- يجب أن تأتي من «المعارضة» على اختلافها، ويعني أيضاً أن تكون مستعدة لتقديم تنازلات صعبة بتخفيض سقف المطالب وبالعمل على ما يعيد الأحوال إلى ما كانت عليه، خصوصاً بعدما تبين لها أن كل من وعدها لم يفِ بوعده ولا يستطيع أن يفي به، فالأمور تغيرت وما يجري في المنطقة يمنعها من تحقيق أية مكاسب مثلما يمنع الحكومة من تقديم أي تنازلات.
التطورات في الساحة المحلية نتيجة المتغيرات في المنطقة ترجح كفة الحكومة، وهي ليست في صالح «المعارضة» أبداً. الانتظار ريثما تتغير ليس في صالحها أيضاً ومن شأنه أن يزيد المشكلة تعقيداً، لذا لا سبيل أمامها سوى مراجعة نفسها وتقديم مبادرة أو مبادرات واقعية تحقق مكاسب للمواطنين وتكون سبباً في إغلاق هذا الملف الذي يستنزف الوطن.
الاستمرار في اعتبار الحكومة عدواً لا يحقق أية مكاسب للمواطنين ولا لـ»المعارضة»، والاستمرار في هذا النهج قد يزعج الحكومة لكنه لا يغل يدها خصوصاً وأنها ملتزمة بالمعاهدات الدولية التي وقعت عليها وتلتزم القانون في التعامل مع كل عمل خاطئ ومتجاوز، ولولا هذا لكان موقفها في جنيف ضعيفاً ولما وقف معها أحد من دول مجلس التعاون أو الدول العربية أو العالم، ولتمكن من أرادوا السوء من حصد ما شاء من أصوات لإدانة البحرين.
لا المفوض السامي ولا إيران ولا عبدالحميد دشتي ومن معه يعينون على السير في الطريق التي اقترحها صاحب التغريدة، فكل هذا محدود القيمة إن لم يكن ناقصها، بدليل أن وفد البحرين رد بسهولة على كل ما قاله المفوض السامي وعلى كل ما قيل في مجلس حقوق الإنسان بجنيف وأقنع دولاً كثيرة بصحة موقف البحرين ومتانته وشرح لهم جوانب من المؤامرة التي تتعرض لها هذه البلاد والتي استدعت مواجهتها بصرامة وحزم.
لا توجد مشكلة لا نهاية لها، ولا توجد مشكلة عصية على الحل، لكن يوجد من لايزال يعتقد أن ما يقوم به من عمل سيجعل أهل البلاد يساندونه ويعتبرونه مخلصاً لهم ورافعة وسيجعل الحكومة ترفع الراية البيضاء. ولأن مثل هذا الاعتقاد لا يمكن أن يتحقق ولا يتقدم أصحابه بمبادرات واقعية ولايزالون غير مستوعبين لمسألة تقديم التنازلات، ولأن الحكومة اليوم في موقف القوي، لذا فإن ما تنتظره البلاد والعباد سيتأخر كثيراً.