«1»
قبل العيد بعدة أيام يغافل أسرته، ويزعم أن له عملاً خاصاً يود القيام به، يتجه إلى أحد فروع البنك البعيدة عن منطقته حتى يضمن ألا يراه أحد، يقوم بإدخال مبالغ مالية إلى حسابات يعرف أن أصحابها من ذوي الدخل المحدود والأسر الفقيرة المتعففة، دون أن يعرفوا هم أنه هو من يرسل لهم هذه المبالغ! قبل سنين مضت كان قد حصل على حساباتهم البنكية وسجلها لديه، وأصبح من يومها يشعر بأنه يود مساعدتهم دون أن يعلموا حتى لا يشعروا بالإحراج ويضعهم في حرج الحاجة وشعور أنهم فقراء!
يشعر بالسعادة وهو يلمح أحدهم وقد اتجه مع أطفاله إلى مركز الألعاب ليلعبوا، أو قام بإخراج عائلته في العيد لتناول العشاء خارج المنزل، وهو يدرك أن هؤلاء لا يعرفون هذه الأمور بسبب محدودية الدخل وكثرة الديون والتعفف من طلب الآخرين، يشعر أن الله سخره لهذا العمل لأنه هو في حاجته لا هم! هو في حاجه أن يبذل المزيد من الأعمال حتى تفتح له أبواب الخير والمغفرة والحسنات بعيداً عن الرياء وعلم الآخرين!
«2»
تتعمد زيارتهم قبل يوم العيد، تتظاهر وهي المرأة الكبيرة في السن أنها جاءت لأجل سؤالهم عن كيف تشحن بطاقة هاتفها أو أي عذر آخر، يتأفف الأطفال وتقوم الفتيات «بالتحلطم» من باب أن الوقت غير مناسب للزيارة، فالناس يستعدون لقدوم العيد، يصادف أن تسمعهم صدفة وهم يتذمرون لأمهم، التي تطلب منهم استقبالها وضيافتها، تتعمد الدخول إلى غرفة جدتهم الكبيرة المقعدة، وعندما تنفرد بها تقوم بوضع الأموال في يدها، وتقول لها: «هذه عيادي الأطفال لا تنسين أن تمنحينهم إياها بدعوى أنها منك وإياك أن يعرفوا أنها مني»، ثم تغادرهم! تفرح في الزيارة التالية وهي تراهم وقد قاموا بشراء الكثير من الألعاب والملابس والحلويات وهم يخبرونها أن جدتهم هي من منحتهم المال! منذ أن غادرهم أبيهم الذي تزوج بأخرى ونسيهم وتهرب من النفقة شعرت أنها مسؤولة عن هذه الأسرة، وجبر خاطر أمهم التي لا تقوى على الإنفاق عليهم جميعاً، مبدؤها في ذلك ما يقولونه أيام زمان «من فرح صبي فرح نبي!».
«3»
يحاول دائماً أن يجعل أبناءه يصادقونهم حتى يجد سبباً لاصطحابهم في العيد معه إلى الأسواق والمجمعات، يطلب من ابنه الكبير أن يتواصل معهم دائماً حتى يكون هناك سبب عندما يطلب من والدتهم اصطحاب أطفالها الأيتام، وأن ذلك يأتي لكون أولاده لا يحبون الخروج إلى المجمعات للعب والاستمتاع بأجواء العيد إلا معهم، يهتم بأخذهم إلى المجالس حتى يتعلموا «المرجلة ويحتكون بالرجال والصبية»، بعد أن توفي أبيهم، يحاول في ذلك ألا يجعلهم يشعرون أنهم مختلفون عن بقية الأطفال، وهم بحاجة لمن يهتم بهم، فيتعمد مساعدتهم بشكل غير مباشر، يشعرأنه مسؤول عنهم من يومها، رغم عدم وجود صلة قرابة لكن الله ألهمه ذلك مقابل كثيرين غيره، حرمهم الله من هذا الأجر العظيم.
* إحساس عابر:
في العيد، اجعل لك علاقة خير سرية مع الله، بعيداً عن عيون الآخرين ومعرفتهم، عملاً يكون خالصاً لوجهه، بنية الخير حتى تشرق روحك بفرحة العيد، وكل عام وأنتم بخير.