بين الحين والحين يقوم ذلك البعض بنشر وبث أخبار ملخصها «اعتصام حاشد أمام سفارة البحرين في العاصمة الفلانية للاحتجاج على كذا أو كذا»، لكن الصورة تفضحه، فهي تبين أن المشاركين في الاعتصام يعدون على الأصابع وأن الغرض منه هو التقاط صورة تستفيد منها الفضائيات «السوسة» وبعض المواقع الإلكترونية والقول إن «المعارضة» في الخارج نشطة وأنها تقوم بعمل مهم وأنها تقوم بواجبها. اعتصامات أخرى يتم تنفيذها أحياناً أمام مباني سفارات أخرى أيضاً في تلك العواصم مثل سفارة المملكة العربية السعودية ترمي إلى تحقيق الأهداف نفسها.
لا شيء يجنيه أولئك من تلك الاعتصامات سوى إقناع أنفسهم بأنهم قاموا بعمل مفيد لأولئك الذين هم في الداخل وأنهم بهذا «برؤوا ذمتهم» وليس لأحد أن يقول عنهم أي شيء أو يتهمهم بالتقصير، فهذا العمل مضاف إليه التحريض والشحن عبر تلك الفضائيات والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي كافٍ للقول إنهم «يناضلون».
هناك في الغرب لا يهتم الناس بموضوع كهذا ولا يلتفتون إليه، لا يهتمون به حتى لو تجاوز عدد المعتصمين المئات وتمكنوا من لفت أنظارهم ووزعوا المنشورات، بل لا يلتفتون إليهم حتى لو ملؤوا المكان ضجيجاً، وتساؤلهم ومعرفتهم لما يجري لا يفيد من يقوم بذلك فلا تأثير لهم حتى لو أبدوا تعاطفاً في لحظة ما. هذا يعني أن ما يقوم به ذلك البعض قليل القيمة أو معدومها خاصة وأن القوانين في تلك البلدان تلزمهم بوقت محدد للاعتصام لا يمكنهم تجاوزه.
ليس هذا ما يفيد الحراك ويحقق مطالب المواطنين ويؤدي إلى الإصلاح المنشود، تماماً مثلما أنه لم يفد ولن يفيد ما يقوم به البعض في الداخل من أنشطة سالبة لا ينتج عنها سوى أذى الناس وتعطيل حياتهم، كذلك لا يفيد العناد وتحدي الدولة. ما يفيد حقاً هو القيام بمبادرات وتقديم مشاريع قابلة للتحقق على أرض الواقع وبعيدة عن الخيال والمبالغة، ما يفيد هو التواصل مع الأطراف ذات العلاقة وأولها الحكومة لحل المشكلة من جذورها.
كل ما تقوم به «المعارضة» على اختلافها اليوم، في الخارج والداخل، لا يمكن أن يحقق شيئاً للمواطنين، تماماً مثلما أنها لم تتمكن من تحقيق شيء لهم في السنوات الخمس الماضيات، وهذا يعني أنه صار عليها أن تغير من خططها و«تكتيكاتها» وأن تتوقف عن ممارسة الأنشطة التي تعلم جيداً أنها لا تعين على تحقيق المطالب كتلك الاعتصامات أمام السفارات في الخارج وتلك الممارسات التي تتسبب في إرباك حياة الناس في الداخل وتؤذيهم.
لا مفر من اتخاذ قرار بالتوقف عن كل تلك الممارسات والركون إلى الهدوء، خصوصاً بعد التطورات التي شهدتها الساحة المحلية أخيراً، والتي تعين على تصور حال المعاندين بعد فترة وجيزة. كل المؤشرات تدل على أن الدولة ماضية في طريقها وأن المتضرر الأول والأخير هم بعض المواطنين الذين وضعوا بيضهم كله في سلة ذلك البعض. وكل المؤشرات تدل على أن من اعتقدوا أنه يمكن أن يشدوا الظهر بها يمكن أن تتخلى عنهم في أي لحظة خصوصاً مع ما صارت تعانيه بسبب تدخلها في العديد من الدول والإرهاق الذي أصاب موازناتها وعلاقاتها التي تتطور مع «الشيطان الأكبر» الذي لم يعد شيطاناً.
كل الممارسات التي تتم في الخارج، وتلك التي تتم في الداخل لن تفيد ولن توصل إلى الهدف المنشود، والاعتقاد بأن إيران ستواصل الدعم ويمكن أن تتدخل في لحظة معينة اعتقاد خاطئ وبعيد عن الواقع، فإيران ضعيفة وسياستها البراغماتية النفعية تمنعها من القيام بمثل هذه المغامرة خصوصاً في هذه الظروف التي تمر بها وتضعها على كف عفريت.