التغيير الديمغرافي الذي يحصل حالياً في العراق وسوريا ليس بسبب رغبة الحكومتين العراقية والسورية في حماية السكان من خطر تنظيم الدولة «داعش» في العراق، أو دحر المعارضة في سوريا – وإن كان ذلك هو الظاهر إعلامياً – ولكن هدفه أبعد من ذلك وهو إحلال شعب مكان آخر، وهذا ما يؤكد نزوح أكثر من 3 ملايين من المواطنين العراقيين عن مناطقهم، وأكثر من خمسة ملايين نازح سوري.
في العراق مثلاً، قامت ميليشيات ما يسمى بـ «الحشد الشعبي» بتهجير العديد من السكان من مناطق ديالي والموصل ونينوى والفلوجة وصلاح الدين، وهي عمليات وصفها بيان أصدره تحالف القوى العراقية بأنها تجاوزت كل القوانين والأعراف، وأن هذا «الحشد الشعبي» أمهل المواطنين أياماً قليلة لمغادرة منازلهم، وإلا سيكون مصيرهم القتل وتدمير المزارع والبساتين والمنازل، وهو توجه طائفي بحت يهدف إلى إفراغ المناطق من مكونها الأصلي وإحلال مكون آخر محلها، بحسب ما ذكر رئيس ائتلاف ديالى صلاح مزاحم الجبوري.
الحكومة العراقية على علم بجرائم «الحشد الشعبي» الطائفية والتي تقع تحت أنظار الشرطة، التي لم تحرك ساكناً بل وقفت موقف المتفرج، وهم يرون أسر وعوائل تم تهجيرها قسراً من مناطقها، بل ومصادرة أراضيها ومزارعها وحتى أثاث منازلها، ولم يسلم أحد من سطوة وسرقة «الحشد الشعبي» الذي يمارس جرائمه الطائفية جهاراً نهاراً دون أدنى إدانة من المجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة.
ولأن هدف التهجير طائفي، فإن محافظة كربلاء لم ترحب باستقبال النازحين، ولكنها ترحب بالتأكيد باستقبال ألوف مؤلفة من الإيرانيين على اعتبار أنها مدينة مقدسة، وهذا واقع ولكنها في الأخير محافظة عراقية، فمن باب أولى استبقال أبناء العراق أيضاً واحتضانهم والرأفة بهم لأنها مدينة مقدسة، ولكن الحاصل هو العكس تماماً، فلماذا؟ هل للطائفية مكان هنا في هذا التمييز في مدينة يفترض أنها عراقية وأنها ذات قدسية؟
أما في سوريا، فحدث ولا حرج، فقد شهدت مناطق مثل حلب وحمص وإدلب وحماة والحسكة وداريا نزوح عشرات الآلاف من سكانها من مناطقهم بسبب الحرب، حيث أصبحت تلك المناطق «المفضلة» لقصفها من قبل قوات الرئيس بشار الأسد المدعومة بقوات إيرانية وميليشيات «حزب الله»، فأصبحت أغلب هذه المناطق خالية من سكانها الأصليين بعد أن تم تهديهم بالقصف بحجج وجود قوات معارضه للنظام السوري، وهو ما ينطبق على نفس الأعذار في العراق مع اختلاف الجهات من معارضة سورية إلى «دواعش».
ذلك النزوح وتهجير السكان الأصليين في بعض مناطق العراق وسوريا ليست سوى استراتيجية من النظام الإيراني الراغب في طمس الهوية العربية السنية من تلك المناطق، وهو ما يعرف دائما عن إيران بنفسها الطائفي البغيض.
إن التعذر بوجود منتمين لـ»داعش» في مناطق في العراق، ووجود معارضين للنظام السوري، يتطلب القضاء عليهم، لا يعني ذلك تهجير أهالي تلك المناطق، وإذا كان ذلك العذر حقيقياً - ولا أعتقد ذلك – فلماذا لم يعد أبناء المناطق المهجرين إلى مناطقهم بعد القضاء على ميليشيات «داعش»، وانتهاء الحرب مع المعارضة في تلك المناطق؟ فهذا هو المنطق، أم أن تلك المنازل والأراضي والبساتين أصبحت «غنيمة حرب» لـ «الحشد الشعبي» ولقوات بشار والمرتزقة الذين معهم، وبذلك لا يحق لأصحابها الحقيقيين العودة لها مجدداً، أو المطالبة فيها.
وأختتم بتغريدات أحمد رمضان رئيس حركة العمل الوطني من أجل سوريا، الذي قال في تغريداته قبل أيام، «إن نظام الخميني الحاكم في إيران يريد تغيير هوية السنة في العراق وسوريا عن طريق إثارة الفتن وإشعال الحرب الطائفية، والسعي لابتلاع سوريا وتهجير أهلها وإحلال مرتزقة مكانهم، إيران عدو صريح للعرب والشرق والحضارة. إيران تخطط لتوطين مليون مرتزق في سوريا وتغيير هُوية مدن دمشق وحمص وحلب، كما فعلت في جنوب العراق!».