حيف على العراق!!


أيطرد سفير عربي من العراق؟ أهذا مآل بيت العروبة؟ حيف على العراق!
لنلقِ نظرة على «منافع» تولي حزب الدعوة سدة الحكم في العراق على مدى اثني عشر عاماً، لنسأل بعدها إن كان طرد السفير السعودي هو آخر عهدنا بعروبة العراق؟ أم أن العراق الذي نعرفه انتهى قبل زمن وما جاء هذا القرار الأخير إلا تحصيلاً لحاصل؟
فضائح مخططات تدمير العراق تتوالى هذا الأسبوع ربما تزامناً مع طلب العراق استبدال السفير السعودي لكنها فضائح جرت منذ عام 2003 واليوم فقط تبدأ في الظهور العلني، لتثبت أن الكل باع العراق بدءاً من العراقيين أنفسهم إلى الأمريكيين إلى الإيرانيين، باعه حزب الدعوة بالقطعة بعد تقسيمه، وعلى يده تمت جميع هذه الفضائح.
فالفضيحة الأخيرة التي نشرتها الصحف أمس كشفها التحقيق الذي أجري من قبل لجنة تشيلوت البريطانية التي حققت في مدى تورط القوات البريطانية في الحرب العراقية، وكشف التحقيق أن القائد الأمريكي ستانلي مكريستال المسؤول عن قوات مكافحة التمرد، قاد برنامجاً خاصاً ضمن مسؤولياته تميز بالعنف المفرط بهدف التسريع بعملية التطهير السياسي ضمن العملية المسماة «بإعادة إعمار العراق» فمن الذي ساعد الأمريكيين ومكنهم من العراق ليقوموا بهذا العمل القذر؟
والأسبوع الماضي نشر معهد واشنطن مقالاً للباحث الأمريكي فيليب سميث من جامعة ماريلاند يطرح فيه هذا التساؤل «هل يجب بالفعل اعتبار قوات «المجلس الأعلى الإسلامي» ميليشيات «جيدة»؟ من بين الميليشيات الشيعية المتعددة التي تشكل «الحشد الشعبي» -الشبكة الأم التي تضم «وحدات الحشد الشعبي» التي تعترف بها رسمياً الحكومة العراقية- يمكن اعتبار بعض منها «جيدة» من ناحية كونها قوات تتحلى بشعور أكبر من الوطنية ولا تنخرط في نشاطات جهادية وعلاقاتها مع إيران متوترة أو محدودة بشكل أو بآخر. وغالباً ما تم تصنيف من قبل الإدارة الأمريكية أن «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» («المجلس الأعلى» أو «المجلس») والجماعات الحليفة له بـ«الحشد الجيد» بحجة أنها أفضل من العديد من الوحدات الجهادية الشيعية المتطرفة الخاضعة لسيطرة إيران بصورة علنية والعاملة في العراق. ومع ذلك، تشير التحليلات الأكثر دقة بشأن عدد من الميليشيات التي تقع تحت مظلة «المجلس الأعلى» إلى ضرورة إعادة النظر في هذه الفرضية»!!
وينتهي المقال بالتوصية «مع استمرار الولايات المتحدة في تشكيل تحالفات مع مختلف «وحدات الحشد الشعبي»، لا بد للإدارة الأمريكية أن تعتمد نهجاً دقيقاً وحذراً، يتمثل في عدم اعتبار الميليشيات نفسها وعناصرها التشكيلية كتلة صلبة واحدة. وبمعنى آخر، عليها توخي الحذر عند التعامل مع «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» وأن تدرك بأن هناك حدوداً للتعاون». «انتهى»
هذا المقال يدل على علم الولايات المتحدة الأمريكية بوجود ميليشيات متطرفة تخدم الأجندة الإيرانية ويدل على التحالف الأمريكي معها واعتبارها ميليشيات جيدة!! أي بمعنى آخر يدل على أنها متورطة معها بجرائم إبادة وتهجير وتدمير ترتكبها هذه الميليشيات في المناطق السنية ويوصيها صاحب المقال بالحذر وبإعادة النظر في الحشد الشيعي فليس كلهم «good guys»!!!
إنما أخطر ما يدل عليه هذا المقال أن الولايات المتحدة الأمريكية تتعاطى مع العراق لا كدولة ولا كجيش بل كميليشيات مصنفة من محسوب على من؟
لأنها تعلم أن الجيش العراقي مشغول باستجوابات الفساد التي نخرت المؤسسة العسكرية، وانتشر أمس مقطع مسرب من جلسة مجلس النواب العراقي لاستجواب وزير الدفاع وإحدى النائبات العراقيات من كتلة نوري المالكي تسأل الوزير لماذا حاول إخفاء مستند يثبت فضيحة علم وزارة الدفاع بتهريب الأسلحة لداعش؟ ورد عليها وزير الدفاع أنه لو كان مرر صفقات تتبع لبعض النواب خاصة بتوريد وجبات غذائية للجيش لكان الآن أفضل وزير للدفاع!!
تهم للفساد متبادلة بين وزارة الدفاع ومجلس النواب، هذا أفضل ما أفرزه عهد حزب الدعوة، بعد كارثة ومأساة انهيار الجيش النظامي العراقي، ظهرت الآن مأساة وكارثة الحشد الشيعي العراقي المكون من مجموعات مسلحة لكل منها قائد غير عسكري بل قائدها مرجعية دينية مختلفة فقهياً وسياسياً والآن مختلفة عسكرياً، فللسيستاني ميليشياته ولخامنئي ميليشياته وللحكيم ميليشياته وللصدر ميليشياته وهكذا، والصراع بين المراجع يهدد ما تبقى من استقرار للعراق، فالجناح الموالي لإيران ليس منافساً سياسياً فقط مع الأحزاب السياسية الموالية للسيستاني، بل منافساً للميليشيات المسلحة أيضاً، فالجناح السياسي ممثل بكتلة دولة القانون بزعامة المالكي، وحزب الفضيلة، ممثل بالميليشيات المسلحة كحزب الله - العراق، وعصائب الحق، وأبوالفضل العباس، وحركة الأبدال، وميليشيا الخراساني، ومليشيات أخرى.
وأوس الخفاجي الذي قال إن قتل السفير السعودي «شرف» هو أحد قادة لواء أبوالفضل العباس وهو لواء من صنيعة إيرانية بامتياز.. أهذه دولة؟ أهذه حكومة؟ أهذا جيش؟ أهذا وطن؟ ميليشيات تحكم بلداً ضاع وتشرذم ولها عين بعد ذلك تطالب بطرد سفير الشرف لها إن قبل أن يبقى على أرضها.
يوم بعد يوم، موقف بعد موقف، يبتعد العراق عن بيته العربي، بيع العراق بأبخس الأثمان لأكثر الناس حقداً عليه، قدمته الولايات المتحدة الأمريكية لقمة سائغة لإيران عربون مودة، وقبل -مع الأسف- أن يلعب حزب الدعوة العراقي دور الوسيط لبيع أمه أو وطنه.. لا فرق.. «سوده على العراقيين».
تحول العرب والخليجيون في عيون العراقيين المخدوعين بالوهم إلى دواعش وتكفيريين، والإيرانيون إلى ملائكة يمشون على الأرض هوناً، ومحي تاريخ العراق واقتلعت جذوره من تربته العربية.. وتحول العراق العظيم إلى العراق التابع الخنوع ولمن؟ لإيران؟
وليته ابتعد دون أن يضر أحداً، لكان خياراً حراً لفئة من الشعب العراقي، لكنه في ابتعاده استقطب فئة من الشباب الخليجي وخلعهم معه من جذورهم، وعلمهم بيع أوطانهم مثلما باعوا هم وطنهم، وكان لهم حلقة وصل مع خلايا الحرس الثوري الإيراني الإرهابية ليعيد تصديرهم إلى البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية مع أطنان من المتفجرات ليعيثوا في أرضنا فساداً، أهذا هو العراق ذاته؟ أهو ملجأ الأحرار وبيت العروبة وبوابتنا الشرقية التي نعرفها؟ خسئ هذا الحزب حيث وجد.. وحيف على العراق في عهده.