نبارك للبحرين تمثيلها العرب بفوزها الصريح والمستحق ببعض الميداليات الملونة في أولمبياد ريو دي جانيرو بالبرازيل، خصوصاً فوزها بالميدالية الذهبية التي عانقت جِيد هذه الجزيرة الخالدة فكانت وساماً لكل العرب، كما أن البحرين حاولت أن تحصد بعض الميداليات الأخرى فكانت على وشك الظفر بها لولا بعض الظروف التي تتعلق بالخبرة الميدانية لبعض الألعاب.
إن أولمبياد ريو دي جانيرو وغيرها من المسابقات العالمية تكشف حجم العمل الذي تقوم به الدول المتقدمة فيما يخص كل الألعاب التي باتت اليوم تتجاوز حدود الرياضة وسمعتها إلى فضاءات تتسم بالتقدم والعمل الجاد والمتقن والتحدي وتسجيل أسماء دول في سجل الخالدين، فلم تعد الأولمبياد مجرد رياضة عابرة بقدر ما تكون مسيرة من التضحيات والعطاء والإصرار على حفر الذاكرة وتخليد الدول الفائزة بألوان الميداليات المختلفة.
حين ننظر إلى سجل العرب في هذا المجال، سواء في أولمبياد ريو دي جانيرو أو ما قبلها نكتشف حجم التخلف الواضح في تقديم أنفسنا للعالم عبر الرياضات المختلفة، إذ إن واحداً فقط من الرياضيين الأجانب في هذه الدورة الأولمبية قد حصد أكثر من نصف ما حصده كل العرب من ميداليات، وهذا يدل دلالة واضحة على أن هناك في الضفة الأخرى الكثير من العمل الجاد والكبير من طرف تلكم الدول لإبراز المستوى الحضاري في مجال الرياضة وغيرها من المجالات الأخرى.
نحن لا نحب أن نعير أنفسنا أو نجلدها أو نرميها بشتى أصناف العيوب، لكننا نريد أن نقيم أنفسنا من خلال العمل ومن خلال الحضور الدولي، لكن تبين أننا لم نتعب أو نقدم كثير الجهد في سبيل أن نتخطى ونذلل الصعاب لأجل أن نسجل أسماء دولنا في المحافل الدولية. إنه تقصير المسؤولين عن الرياضات المختلفة في الوطن العربي، كما أنها الطريقة التقليدية العربية التي تعتمد على الفساد والشللية في تقديم غير الكفاءات لتمثيل بلدانهم في المحافل الدولية، وهي العقلية ذاتها التي لم تتحرك لبناء قواعد للفئات السنية لكافة الرياضات التي أصبحت اليوم محط أنظار البشرية. إذا أصر العرب على ألا يقوموا بكثير الجهد أو رفضوا الانصياع لقوانين الحياة التي تجبرنا على البناء منذ البداية أو الأساس فإننا سنراوح مكاننا، بل سنجد كل العالم يلبس الذهب والفضة والبرونز في الوقت الذي نخرج كل مرة من أولمبياد هذه الدولة أو تلك صفر اليدين أو بميداليات تعد على الأصابع، فهل هذا هو التحدي الذي أعددنا أنفسنا لأجله ليصادفنا أثناء العمل الكبير أمام أنظار العالم؟ أم أنه التراخي والتراجع العربي الذي أصبحنا نشتم من خلاله عبر عشرات السنين دون وخز ضمير أو إحساس قومي أو وطني؟