في العديد من المواقف الشجاعة، وكعادته بما يحمله من ميراث وطني واجتماعي أصيل، فإن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء الموقر، حفظه الله ورعاه، لا يزال يقف مواقف الإباء والشهامة في أكثر من موقف، ولا تزال أجهزته ورجاله يتابعون عن كثب أغلب الموضوعات التي تهم الرأي العام.. فضلاً عن اهتمامه بموضوعات المساجد والمدارس وغيرها.. فجزاه الله خير الجزاء على كل ما قدم ويقدم، وجعل ذلك في ميزان حسناته، وأبقاه ذخراً في خدمة الوطن والمواطنين.
لسويعات الجمعة مكانة خاصة في نفسي.. أترقبها كل أسبوع.. لأنها المحطة التي ألتقط فيها الأنفاس من بعد زحام الأسبوع المليء بالأحداث والمواقف.. فهي سويعات خصها الإسلام بالعديد من الفضائل التي تجعلنا نترقبها ونحذر أن نسرف في استثمارها الاستثمار الأمثل.. وهي سويعات تذكرنا بيوم قيام القيامة وانتهاء الحياة على وجه هذه البسيطة.. سويعات نستريح فيها قليلاً من كد الأيام ونصبها، ونراجع فيها مواقفنا وموازين حياتنا.. حتى نبدأ الأسبوع التالي بهمة ونشاط وعزيمة.. لذا ترى العديد من أرباب العقول النيرة، يضعون كل أثقال الحياة وسراق الوقت على هامش أعمالهم.. فلا يلتفتون إليها في هذا اليوم.. لأنهم على موعد مع يوم «تغيير ووقفة مع النفس».. وإن كان كل يوم تشرق علينا فيه شمس الحياة هو يوم جديد نلتقط فيه الأنفاس ونراجع فيه حساباتنا.. ولكن لسويعات الجمعة شأن آخر في حياتنا.. فهل يا ترى نستوعب أهمية هذه السويعات؟
يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: «فاذكروا الموت لتستعينوا بذكره على مطامع نفوسكم، وقسوة قلوبكم، اذكروه لتكونوا أرق قلباً، وأكرم يداً، وأقبل لموعظة، وأدنى إلى الإيمان، اذكروه لتستعدوا له، فإن الدنيا كفندق نزلت فيه، أنت في كل لحظة مدعو للسفر، لا تدري متى تدعى، فإن كنت مستعداً: حقائبك مغلقة، وأشياؤك مربوطة، لبينت وسرت.. وإن كانت ثيابك مفرقة، وحقائبك مفتوحة، ذهبت بلا زاد ولا ثياب، فاستعدوا للموت بالتوبة التي تصفي حسابكم مع الله، وأداء الحقوق، ودفع المظالم لتصفوا حسابكم مع الناس.. ولا تقل: أنا شاب.. ولا تقل: أنا عظيم.. ولا تقل: أنا غني..».
أعجبتني مقولة جميلة للشيخ علي الطنطاوي: «اترك الناس على سجيتهم، ومن أحسن أحسنت إليه، ومن أساء عذرته وإن كررها رحلت عنه بكرامة».. كم أنت في مسيس الحاجة إلى أن تسيطر على مواقف حياتك وتصفيها من أولئك المزعجين الذين يهدرون أوقاتك ويتعاملون معك بمزاجهم وتقلبات حياتهم.. وقد يكررون الإساءة إليك بطريقة أو بأخرى.. فأنت حينها ملزم أن ترحل عن حياتهم.. بكل هدوء..
رسالة حب أصيغها بكل اقتدار واحترام لذلك البلبل الجميل الذي يزورني في كل مساء لأترنم بأهازيجه الرائعة وترانيمه التي أنتظرها في كل إطلالة ليل جميل.. رسالة حب أصيغها لهذا البلبل الذي ما زلت أكتب معه أجمل فصول حياتي، وأجمل ساعات العطاء التي أقدمها في ظلال الدنيا الفانية.. البلبل الصداح الذي لا يتوانى ولو للحظة واحدة أن يذكرني كلما نسيت.. ويشجعني إذا فترت.. ويدفعني لأبذل المزيد في حياة العطاء والمبادرة والإيجابية.. كان وما زال يشجعني على كتابة تلك الفصول المتراكمة التي لم أنتهي منها بعد.. فصول تعد بالنسبة لي «محك الحياة» الذي يوجه بوصلة حياتي.. شكراً لك أيها البلبل.. فقد علمتني معنى الحب الحقيقي.. علمتني أن أحب بقلبي وبأحاسيسي.. وألا ألتفت لتلك التفاهات الغامضة في حياة البشر.. علمتني أن أؤمن أن أقدار الحياة كلها جميلة ورائعة، وفيها من الحكم والعظات ما نعجز أن نفسرها في حياتنا.. علمتني أن الابتسامة هي الحب الحقيقي لكسب القلوب وتغيير أمزجة البشر.. علمتني أن الأفراد الذين لا يتمنون لك الخير، سيستمرون في ملاحقة أثرك وتصيد هفواتك وزلاتك، حينها لا تلفت لهم أبداً.. وكن كالشجرة المثمرة التي يقطف منها كل من حولها أطايب الثمر.. لا تلتفت لتلك الأحجار المؤلمة التي قد تجرحك يوماً ما.. فإنك ستنهض بعدها أقوى من أي فترة مضت من حياتك.. نبهتني أن أضع في جيبي مذكرة الأذكار والاستغفار أتلوها كل صباح ومساء فهي الحصن الحصين والتوفيق الرباني طيلة أوقات حياتي.. علمتني أن الاستثمار الأمثل بذلك القلب الطيب الحنون الكريم الذي يحتضن الجميع بمساحاته الدافئة.. علمتني أن التوفيق في الحياة إنما يكون بحسن التوكل والثقة واليقين بالرحمن الرحيم..
أعجبني تصرف والدة أحد الإخوة الكرام ـ أمد الله في عمرها ـ فقد اتصلت على أبنائها وأخبرتهم بضرورة ألا يجلب أفراد العائلة هواتفهم في تجمع العائلة المعتاد.. لأنها تريد أن تجلس معهم وتحاورهم وتسمع أخبارهم وجهاً لوجه.. بالفعل لقد أضحت جلساتنا العائلية بل وجلسات الرفقة والأصحاب أشبه بجلسات «الهياكل العارية» التي لا تحقق من خلالها الأهداف المرجوة في تعميق أواصر المودة والألفة والمحبة بين أفراد العائلة، وبخاصة أن لقاءات العائلة الكبيرة تعقد في الغالب مرة في الأسبوع.. في السابق كنا نشتاق لهذه اللقاءات ونترقبها.. اليوم أضحت محل ملل وضجر وسآمة عند البعض.. السبب يكمن بانعزال كل فرد مع هاتفه.. والإدمان القاتل لاستخدامه.. حتى علاقاتنا الاجتماعية أضحت مجرد «رسائل السلام عليكم».. أو طلب حاجة معينة.. وإذا لم تقرأ «المسج» أو ترد على صاحبه كتب لك صاحبه «مائة علامة استفهام».. وكأنك ملزم على أن ترد على كل رسالة وتتفاعل مع كل «قروب».. حينها وداعا لحياتك الاجتماعية بل والعملية التي أضحى البعض يضيع أوقاته فيها بالتفاعل مع وسائل التواصل في هاتفه.. رفقاً بنا.. نحتاج لسماع أصواتكم.. ونشتاق لرؤيتكم والتحاور معكم.. لأننا نحبكم من كل قلبنا..
* ومضة أمل:
لكل عاشق لقلب يحبه.. لا تفرط فيه مهما تقادم عليك الزمان..