دائماً ما نطلق على أحبابنا الذين يلدغوننا بعد حينٍ من الزمن بالأفاعي، وبالمثل فإننا نشبه عدونا الذي يتميز بمهارة إبداعية في فنون النفاق أيضاً بالأفعى. الجدير بالذكر أن هناك أنواعاً للأفاعي، بل هناك لدغات سامة وأخرى غير سامة، كما أنه توجد دقائق تضاف إلى حياة الإنسان بعلاجه من تلك اللدغات، وبالمقابل هناك دقائق ضائعة من رصيد حياته.
إن من سمات الأفاعي بهيئة إنسان انك ستجدهم في كل زمان ومكان. فقد تجدهم في صباحك كل يوم، وقد ترى ترصدهم لك من بعيد، وقد تكون دول ومنظمات سياسية تحمل شعار حقوق الإنسان!
كثيراً ما أحاول أن أبحث عن الدولة الملتزمة بمبادئ حقوق الإنسان بشكل تام. وكثيراً ما يصعقني الواقع بوجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من دول عظمى تطالب أصلاً بالالتزام بها، ولا تكتفي بذلك، بل وتترصد الدول الأخرى وتتدخل في شؤونها وتطالبها بالالتزام بها في حين يجب أن تكون هي المثل الأعلى للوفاء بالتزامات حقوق الإنسان.
وأنه من المؤسف حقاً سماع تلك الأخبار المؤلمة التي تتعلق بانتهاكات حقوق المسلمين في الغرب، كما في حادثة مقتل إمام مسجد ومساعده قبل أيام مضت، وانتهاكات حق العمل والتوظيف الخاص بالمرأة المحجبة، وانتهاكات حقوق المهاجرين بسبب انتمائهم إلى الإسلام، وغيرها من أفعال الكراهية ضد الإسلام والتي يكون أدناها تلك الرمقات البغيضة التي يتحسسها العرب لدى زيارتهم لتلك الدول، فقط لسبب يرجع لكونهم مسلمين.
وتندرج تلك الكراهية في قاموس حقوق الإنسان تحت بند انتهاكات حرية الدين، وتعنى بالتطرف الديني الذي يمس بحقوق الأفراد والجماعات والقائم على أساس الدين أو المعتقد، وحالات العنف والتمييز التي تمس بنساء كثيرات وبالأفراد من الفئات الضعيفة الأخرى باسم الدين أو المعتقد، أو بسبب الممارسات الثقافية أو التقليدية.
وفي مملكة البحرين، تقوم عدة جهات كالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للتنمية السياسية بدور جبار ورائد في نشر ثقافة الحوار بين الأديان والتشجيع على التسامح والاحترام في المسائل المتعلقة بالدين أو المعتقد من أجل تعزيز التفاهم والمعرفة المتبادلين بين شتى الفئات الاجتماعية والثقافات والحضارات في مختلف المجالات، بما فيها الثقافة والدين والتعليم والإعلام والعلم والتكنولوجيا، ومن أجل الإسهام في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. مما يجعلنا نفتخر بالمرحلة المتقدمة الباهرة التي وصلت إليها مملكة البحرين في حقوق الإنسان عامة، واحترام الأديان كافة. فمملكة البحرين معروفة بأنها بلد التسامح واحتضان الثقافات والأديان، لدرجة أننا لم نسمع يوماً خبراً يرصد فيه حرق كنيسة، أو حرق يهودي، أو التعدي على طوائف دينية فقط لكونها لا تنتمي إلى الإسلام الذي هو دين الدولة المشار إليه في المادة «2» من دستور مملكة البحرين «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية».
ونشير إلى أن هناك العديد من المواثيق الدولية التي تجرم العنف والتمييز القائم على أساس الدين، وذلك كما هو الحال في إعلان القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، بالإضافة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة «18» «ج» التي تنص على ضرورة اتخاذ تدابير مناسبة لضمان حرية الدين أو المعتقد للمرأة، وللأشخاص من الفئات الضعيفة ومنها فئات الأشخاص المحرومين من حريتهم، واللاجئين، والأطفال، وأفراد الأقليات والمهاجرين، والبند «ط» من المادة ذاتها في العهد الذي تشير إلى ضرورة كفالة ألا يحرم أي شخص من حقه في الحياة أو الحرية أو أمنه الشخصي، بسبب دينه ومعتقده أو تعبيره عن دينه أو معتقده أو مجاهرته به، أو أن يتعرض للتعذيب أو الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي أو يحرم من حقه في العمل أو التعليم أو السكن اللائق، أو من حقه في طلب اللجوء، وأن تقدم إلى العدالة جميع الانتهاكات لهذه الحقوق.
يبقى القول، أن تلك الدول والمنظمات الأجنبية يجب أن تراقب وتنصح نفسها قبل أن تراقب غيرها، وتعلِّم نفسها مبدأ التسامح تجاه الآخر المختلف دينياً وثقافياً وعرقياً بدل غض النظر عن انتهاكاتها الجسيمة والاشتغال بالغير وترصد الجدران السميكة لإعمال الثغرات فيها.
وإن غيرتي العربية تقتضي مني أن أوجه النداء إلى أخواني وأخواتي: لا تعظموا تلك الدول وتجعلوها كعبة لاتجاهاتكم كل عام وكل حين.. فهناك أيضاً بقعة من أشرف بقاع العام وهي بيت الله الحرام في مكة المكرمة والذي توازي الصلاة فيه مائة ألف صلاة. فهنيئاً لمن شد الرحال لعمرة وحج البيت العتيق، وتعّلم وعرف مناسكه أكثر مما يعرف «زرانيق» تلك الدول التي تكره الإسلام والمسلمين.
وفي الختام، أود أن أشير إلى أن الثعابين تنام بعين مفتوحة، فهي لا تغلق عينها أبداً سواء أثناء الاستيقاظ أو النوم، وذلك لأنه لا يوجد لها جفون أصلاً، ولذلك تجاهلوهم.. أولئك الأشخاص.. وتلك الدول والمنظمات.. بهيئة الأفاعي.. لاتعطونهم أكبر من قيمتهم.. حتى لا تجعلونهم يسممونكم بكل ثقة. وكل الشكر والتقدير الموصول لكلٍ من وزارة الداخلية ووزارة الخارجية على سهرهما ليلاً نهاراً لرصد أي مساس بأمن مملكتنا مملكة البحرين، وذلك للحفاظ على استقرار المملكة حكومةً وشعباً، حفظ الله البحرين من كل مكروه وأدامها تعالى عزاً وذخراً للإسلام والمسلمين.