أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن 12 أغسطس سيعلن يوماً دولياً للشباب عملاً بالتوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب في لشبونة، وسيكون موضوع هذا العام 2016 هو: «الطريق إلى 2030» القضاء على الفقر وتحقيق الاستهلاك والإنتاج المستدامين». وتدور فعاليات هذا العام حول تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وتركز على الدور القيادي للشباب لضمان القضاء على الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال الاستهلاك والإنتاج المستدامين، ويعني الاستهلاك المستدام «استخدام المنتجات والخدمات التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمجتمعات، وكذلك حماية احتياجات الأجيال القادمة. ويعتبر تطوير وتعزيز الخيارات والإجراءات الفردية التي تزيد من الكفاءة البيئية للاستهلاك، وتقليل النفايات والتلوث من الأمور بالغة الأهمية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية العادلة».
ليست هناك ثروة أكبر من عقول وزنود وتوهج وحماسة الشباب حين يرمي نفسه في حضن الوطن من أجل بنائه واستقراره بعيداً عن كل ما له علاقة بالانتماءات السياسية والدينية والمذهبية، فالشاب إذا أراد أن يقدم الكثير من العطاء لوطنه فإنه يسعى له سعياً دون النظر إلى بعض الظروف المحيطة ببيئته كالقبيلة والدين واللغة وبقية العناصر الأخرى التي قد تجعل من عطائه مقاساً للانتماء الأصغر وليس للانتماء الأكبر.. «الوطن والمجتمع».
هذا الوعي بأهمية قيمة الشباب عند الحكومات وعند بقية أبناء المجتمع يجب أن ينهض وفق قوانين حضارية وثقافية متطورة، فالشباب اليوم هم ركيزة الأوطان وعماد المستقبل، أما بقية الأمور فإنه تأتي في المراتب الخلفية لهذه الركيزة القائمة على الواقعية القوية، خصوصاً حين تكتمل صفات هذه المقومات الحقيقية فتنال نصيبها الكبير من التعليم والتدريب وإعطاء الثقة الكاملة لهذا الجيل من الشباب، وزجهم في مشاريع تنموية وحضرية تسهم في بناء ذواتهم بالشكل السليم، بعيداً عن كل إملاءات وتقاليد عرفية أو مجتمعية أو سياسية، فحين نريد لشبابنا أن يقدم كل ما يمكن أن يساهم في بناء وطننا فإننا يجب أن نقوم بتطوير وعيه وإدراكاته وتدريبه على الحريات والثقة بالنفس وترتيب أولوياته.
هناك اليوم الكثير من الجهود التي يمكن أن نبذلها كلنا في سبيل الحصول على شباب نفتخر بهم وبعطائهم في كافة المجالات. فحين أصرت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة على احتضان الشباب البحريني في مشاريعها الثقافية وعلى رأسها «تاء الشباب» تبين لنا أن الشباب البحريني قادر على أن يكون رقماً صعباً في مجال الإبداع. لم تقم الشيخة مي بنت محمد آل خليفة بصناعة معجزة لاكتشاف الشباب، بل كل ما فعلته هو أنها تبنت هذه الطاقات الوطنية واحتضنتهم بكل حب وقدمت لهم وافر الإمكانيات المتاحة بين أيديها فكانت النتيجة مذهلة جداً، فعرفنا خلال العقد الأخير ومن خلال «التاء» أن هناك قدرات وطنية شابة قائدة يمكننا الاعتماد عليها في مشاريع ثقافية وإبداعية ليست لها حدود. نتمنى من بقية مؤسسات الدولة أن تتبنى الشباب في مشاريعها الأخرى، سواء على صعيد المهن والمهارات والمشاريع العملية المختلفة -لأجل مخطط الدولة الذي يتلاقى ومشروع الأمم المتحدة للعام 2030- كما تبنت –الثقافة- شباب الوطن في مشهد جميل ينم عن وعي القائمين على الثقافة في البحرين بأهمية صناعة قادة من الشباب لأجل المستقبل.