عدة أفلام أجنبية طالعناها، بعضها في حبكته يهتم بتسليط الضوء على الأفكار والهواجس التي يعاني منها المرء، وجميعها تبدأ بعرض الكثير من الأمور الغريبة وحوادث التعذيب والجرائم التي يراها ويعايشها أبطال الفلم، ثم في نهاية الفلم يأتي الطبيب أو من يبحث ويحلل الأحداث، فتكون المفاجأة فيكتشف أن كل ما رآه لا يمت للواقع بصلة، وأنه كان يتخيل أو يعيش مرضاً نفسياً جعله يتوهم ويتخيل هذه الأحداث، وليؤكد له أن كل ما يراه من أمور مخيفة ومواقف خطيرة جاءت بسبب ما في عقله الباطن، إما لمرض ورثه من والديه اللذين يكتشف لاحقاً، أثناء سيناريو الفلم، أنهما نزيلان للطب النفسي، أو بسبب مواقف مؤلمة في طفولته أو عقد نفسية وما شابه ذلك.
هذه الأفلام دائماً ما تحمل نهايتها مفاجآت حتى للمشاهد نفسه، فيكتشف أن سيناريو النهاية بعيد تماماً عما توصل له من نتائج وهو يتابع الفلم، بل أحياناً يندهش وهو يكتشف أن من توقعه مجرماً بريء تماماً، وفي بعض الأفلام يظهر أن المريض هو المجرم، بالمناسبة هذه الأفلام تعرض في السينما بشكل متكرر وإن تغيرت وجوه الأبطال تحت بند أفلام الرعب أو الإثارة!
على أرض الواقع نتفهم نوعية من البشر يبدو أن بهم من الأمراض النفسية وسوء الظنون ونظريات المؤامرة ما يدعوهم لتجاهل الواقع، حتى وإن أحضرته وقدمته لهم على طبق من ذهب، بل تراهم يشككون حتى في صحة نظرهم وأعينهم عندما تقدم الحقيقة لهم بالأدلة والإثباتات، فهؤلاء لا يودون أن ينظروا لأي قضية إلا من زوايا ما في عقلهم الباطن وما ترسخ فيه من قناعات لن تتغير إلا بمعجزة!!
هم ينفون أصوات الحقيقة ويتمنون بل يحلمون أن يتجسد ما في عقلهم الباطن على أرض الواقع، بل وعندما لا يتم لهم ذلك تراهم يرفضون حقيقة مجرى الأمور، والرفض عادة ما يقترن به شك وتحليلات غير منطقية، بل يتمادون في طغيان التشكيك لدرجة أنهم يتخيلون أموراً لم تحدث من باب تخفيف حدة مفاجآت الواقع، ومنهم من يلجأ لاتهام الآخرين.
في البحرين يحدث أن نرى مثل هذه المواقف عندما يتوفى أحدهم وفاة طبيعية، ونرى الأصوات التي تحب المتاجرة بالدماء تخرج وتشكك دائماً، فلو سقط أحد من جانب الإرهابيين أخذوا يروجون لحكايات وأفلام «أكشنها» يكون بعيداً عن حقيقة ما حدث، فهؤلاء ينظرون لكافة الأمور والقضايا بعيون ما في عقولهم العمياء عن رؤية الواقع والمعطوبة عن التفكير بطريقة منطقية، وهؤلاء مهما حاول الشخص إقناعهم بالأدلة والإثباتات يبقى التكذيب والتشكيك حاضراً، فهم يحبون كثيراً ادعاءات المظلومية والعيش في أجواء الحزن والكآبة وأن هناك من يسعى لإبادتهم وتعذيبهم.
لا أعلم إن كان المتتبع لأفلامهم ومهرجانات الدماء والعزاء التي دائماً ما يصاحبها الفوضى وأعمال الشغب، قد لاحظ أن السيناريو ذاته يتكرر، فإن استشهد أحد رجال الأمن ادعوا أنها مسرحية حكومية وأخذوا يدعون قيامهم بالنضال بادعاء محاصرة مناطقهم وتفتيشها ومزاعم انتهاك حرماتهم، وإن حاول أحد منهم الاعتداء على رجال الأمن بالقنابل و»المولوتوف» وانفجرت فيه القنبلة وهو يهم بوضعها وسقط ميتاً، ادعوا أنه شهيد وأن السلطات اغتالته وعادوا ليكملوا مهرجانات الفوضى ومسلسلات المظلومية والقتل، بالمناسبة من يتذكر صياحهم على إحدى المحطات التلفزيونية أيام الأزمة وهم يدعون أن طائرات الأباتشي تقصفهم صوب منطقة باب البحرين؟ لا أزال أتذكر أحدهم وهو يضحك ويقول: صادف أن كنت جالساً عند باب البحرين وكنت أستمع إلى كذب أحدهم وهو يدعي القصف بالأباتشي على التلفاز ويصيح «الحقونا، يبون يذبحونا، طيارات الأباتشي تقصفنا» وأطالع السماء باستغراب وأقول أين طائرات الأباتشي؟
الإرهابي الحايكي الذي سجن بتهمة وضع قنبلة محلية الصنع راحت نتيجة تفجيرها المواطنة فخرية مسلم رحمها الله، توفي وفاة طبيعية في سجنه نتيجة سكتة قلبية مفاجئة، لكن تجار الدماء لم يرضوا أن يدفن دون فوضى ودون استغلال، فأخذوا يطالبون بتشريح جثته، وأخذوا يدعون أنه توفي نتيجة التعذيب في السجن!!
عن أي تعذيب تتحدثون والسجون لدينا تصنف أنها سجون «خمس نجوم» بل يحسدكم عليها أتباعكم في إيران والعراق وسوريا؟ فهناك السجون يكدس فيها أي شخص يتكلم بكلمة سوء واحدة ضد بلده، «ننصح هؤلاء بالاطلاع على رواية القوقعة السياسية وكيف عذب شخص سنين طويلة في سجون سوريا بسبب غلطة واشتباه فيه!!».
المتاجرة بالدماء ليست بدعة من الإرهابيين بل هي عرف سائد، لكن أن تشاركهم في ذلك كل مرة عائلات هؤلاء فهذه مأساة «والله لم نرَ المسرحيات ولم نعرفها إلا منكم» فهناك نظرية الإسقاط النفسي التي تعني إسقاط عيوبك وصفاتك السيئة وما تفعله على الآخرين، وأعتقد أن هؤلاء يمارسونها بإتقان! ألا يوجد عاقل من هؤلاء؟ كيف لقاتل أن يكون شهيداً؟ والله هذه بدعة جديدة وقوية جداً «القاتل الشهيد!!».
المضحك أن إفلاسهم طال حتى سرقة مطالبات شعب البحرين، فراحوا يتكلمون مثل الشعب ولكن بقلب الآية «المشاركون ببلدة الدراز يتمسكون بالقصاص من القتلة ويستنكرون منع إقامة مراسم ختام عزاء الشهيد -ورتبة الشهداء بريئة منه- حسن الحايكي!» طالما أنتم متمسكون بالقصاص من القتلة «خلاص» استمروا في المطالبة بالقصاص منه وهو ميت لأجل دماء فخرية مسلم التي قتلها!
منهجية الرغبة في الاستمرار في أفلامهم الدرامية وحب البكاء والمظلومية تتجلى بين سطور كلماتهم، ومن أمثلة ذلك «وكيف لهم أن يتهموك بالإرهاب ونقاء ابتسامتك لا حد لها بل هي شاهد على شناعة قتلك من دون وجه حق» يا جماعة بالذمة والضمير متى تعقلون؟ «كل يوم طالعين بمسمار جحا»! حتى المسلسلات التركية والمكسيكية تنتهي وأنتم مسلسلاتكم وأفلامكم ومسرحياتكم لا تنتهي! متى نتخلص من مراهقتكم الفكرية وتعقلون؟
«إي والله» أوقفوا التعذيب، بل نحن نقول أوقفوا الاتجار بالدماء والتمثيل بالجثث والتهريج والتأليف في البحرين «#ولكم ملينا»!