لتغريدة السيدة سامنثا باور مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة والتي علقت فيها على محاكمة أحد المتهمين بجمع وغسل الأموال وقالت فيها إنه شخص «محترم» لا يجب أن يحاكم، قصة ولها كواليسها ولا تستحق هذا الاهتمام بها بل ما عاد أحد يهتم بتصريحات المسؤولين الأمريكيين حتى على مستوى الرئاسة، ليس لأن مدة هذه الإدارة انتهت بل لأن هذه الإدارة لم تعد لها مصداقية.
بعد سياسة أوباما الأخيرة وضعفه وتردده وتخبطه، أهدرت آخر قطرة لمصداقية وجدية الولايات المتحدة الأمريكية ولم تعد تصريحات المسؤولين الأمريكيين من الأخبار المهمة حتى للإعلام، ولا أحد يوليها اعتباراً فكيف بتغريدة لسفيرة توشك أن تغادر منصبها بعد عدة شهور؟
سامنثا باور تتحضر لاحتمال كبير بمغادرة منصبها في حال فوز هيلاري كلينتون فبين السيدتين ثأر كبير يعود لعام 2008، رغم أن سامنثا اعتذرت لهيلاري ألف اعتذار مهين وفي أكثر من مناسبة إلا أن ذلك لم يحل الإشكال بينهما.
القصة تعود لعام 2008 حين كانت سامنثا في فريق السيناتور أوباما وهو يقود حملته لترشيحات الحزب الديمقراطي مقابل هيلاري كلينتون كي يتأهل للترشيح كرئيس، حينها تحمست الأخت سامنثا متعصبة لرئيسها وهي التي تدين له بالفضل لمنحها هذه الفرصة الثمينة، فوصفت هيلاري «بالوحش» في إحدى المقابلات الصحفية، واضطرت بضغط من الحزب الديمقراطي على أوباما أن يجبرها على الاستقالة وتقديم الاعتذار لهيلاري شخصياً ولم تكتفِ بذلك بل أجبرتها على الاعتذار لها على قنوات التلفزيون في أكثر من مقابلة تلفزيونية وبشكل مهين.
بلعت هي وأوباما المرارة حتى فاز بالرئاسة فأعادها لفريقه كمستشارة في الأمن القومي لشؤون حقوق الإنسان، إلى أن عينها في نهاية 2013 سفيرة لدى الأمم المتحدة بعد أن أنهت هيلاري وظيفتها كوزيرة للخارجية ولم يكن ليجرؤ على تعيينها إبان فترة هيلاري كلينتون.
ورغم ذلك فإن سامنثا اضطرت أن تعيد من جديد اعتذاراتها لهيلاري مرة أخرى في أكثر من لقاء تلفزيوني في 2013 حتى كتبت اشلي كوف عنها مقالاً نشر على موقع الـ»سي إن إن» في أكتوبر 2013 أن سامنثا ستتأسف يومياً الآن لهيلاري لإثبات حسن النية إنما يصعب تصديق ذلك!
علق القراء على هذا المقال بأن «الكذب والغش هو ديدن الديمقراطيين» وآخر كتب لها «قبل أن تصفي أحداً بأنه وحش انظري للمرآة أولاً» وآخر كتب لها «2016 قريبة جداً فاستعدي لها، مشيراً إلى انتهاء فترة رئاسة من وفر لها هذه الفرصة».
سامنثا تشعر بالخطر من اقتراب هيلاري كلينتون من البيت الأبيض وتعرف أنها ستعيدها من حيث أتت أكاديمية إما في جامعة هارفرد أو ييل حيث كانت قبل أن تنضم لفريق أوباما، وحصيلة خبرتها مجرد أوراق تنظيرية كغالبية المستشارين الذين استعان بهم هذا الرئيس ولم يخرجوا من حدود الولايات المتحدة طوال حياتهم، وخبرة سامنثا في العالم الخارجي كانت أربع سنوات غطت فيها حرب يوغسلافيا كصحفية مستقلة لبعض الصحف الأمريكية وكان الله غفوراً رحيماً، لكنها من خلال «كتبها» و»أوراقها» أصبحت خبيرة في ملفات حقوق الإنسان لجميع المجتمعات، وضمها أوباما كمستشارة في مجلس الأمن القومي ومن ثم في 2013 رشحها لهذا المنصب الأخير واعترض على تعيينها السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتن لقلة خبرتها رغم أن اللوبي الإسرائيلي دعم هذا الترشيح وبقوة.
حين تخرج هذه السيدة من منصبها الحالي أين ستعود؟ ستعود للعمل في قطاع ملف حقوق الإنسان هذا القطاع الذي تحول إلى سياسي وتجاري بعد أن هيمنت عليه الأجندات السياسية، ولنعرف خلفية التغريدة الخاصة بالبحرين، فإن سامنثا تحت ضغط منظمات حقوق الإنسان التي وجهت لها العديد من الانتقادات واتهمتها أنها باعت مبادئها وقيمها التي دافعت عنها -على حد قولهم- مقابل الاحتفاظ في منصبها، لموقفها من عدم إدانة المملكة العربية السعودية في الملف اليمني، فأرادت مجاملتهم في الملف البحريني حين غردت عن «المحترم» لا أكثر ولا أقل.
هي تمهد للمصالحة مع هذا القطاع في نهاية فترتها ولا تملك أن تتخذ هذا الموقف من خلال منصبها لأن المصالح السياسية تتبدل كل يوم، فلم تجد غير حسابها على تويتر لتلقي فيه تغريدة تعيد من خلالها تأهيل الفرصة لعودتها!
الأمر إذاً لا يحتاج إلى هذه «الخبة» على تغريدتها، فالتصريحات الأمريكية على جميع مستوياتها ما عادت ذات أهمية كالسابق، لأن السياسة الخارجية الأمريكية بحد ذاتها أصبحت ريشة تتقاذفها رياح متعددة الاتجاهات على مستوى مواقف الإدارة الحالية بدءاً من رئيسها ونهاية بسفرائها ومتحدثيها الرسميين.
منذ تولى أوباما الرئاسة واستعانته بفريق من «التشكين نجاتز» من خريجي الجامعات وكليات الحقوق كمستشارين للأمن القومي من أمثال بن رودس الذي يكتب له خطاباته ومستشاره الذي ورطه بفضح غرفة التلفيق، إلى روبرت مالي رجل الإخوان والجماعات الإسلامية في البيت الأبيض، وصولاً إلى سمانثا، أصبحت هذه الإدارة بضعفها وقلة خبرة طاقمها مصدر تهديد فعلي للأمن القومي الأمريكي بعد أن أضرت سياستها الخارجية بالمصالح الأمريكية.
ملاحظة:
على فكرة سامنثا حاصلة على الجنسية الأمريكية عام 1993 فقط، أي أنها في عرف من صفق لها وفرح بتغريدتها وأفرد لها مساحة في الصفحة الأولى وهو الذي يعترض على سياسة التجنيس في البحرين، أصبحت -في عرفه- «مجنسة»، ولو علمت السيدة سامنثا أن أتباع من دعته «محترماً» يهينون «المجنسين» في البحرين ويهددونهم بالطرد ويضعون تصنيفات «أصيل» و»مجنس» في قاموسهم لربما كان لها تقييم آخر في مسألة من هو محترم ومن هو غير محترم!!