3 انشغالات تهيمن على قادة الخليج العربي الآن؛ الأمن، والاقتصاد، والمستقبل. وهي انشغالات مهمة لأنها مصيرية وستحدد شعوب الخليج ومستقبلهم خلال نصف قرن من الآن. أيضاً هي انشغالات منطقية، فليس ترفاً الاهتمام بالأمن، أو تطوير الاقتصاد، أو العمل على تأمين مستقبل الدولة الخليجية في بيئة باتت الفوضى فيها مستقرة.
ما يهمنا اليوم انشغال دول مجلس التعاون الخليجي بالاقتصاد، ووجود قناعة وجدية للاستعداد لمرحلة ما بعد النفط من خلال العمل والاستفادة القصوى للإمكانات المتاحة مهما كانت. لذلك ظهرت عدة رؤى اقتصادية خليجية طموحة، وهناك نشاط محموم لتجاوز الأزمات المالية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط حتى لا تتحول تلك الأزمة إلى أزمة اقتصادية تؤثر على جميع القطاعات وتعطلها.
في سياق الاهتمام بتنويع الاقتصادات الخليجية من حيث الاستثمارات ومصادر الدخل وتطوير قطاعات جديدة، هناك بعد ينبغي الانتباه إليه من الآن لأنه مازال في بداياته، وحتى لا تصبح دول مجلس التعاون الخليجي متخلفة في هذا المجال خلال السنوات المقبلة.
هذا المجال هو الاقتصاد الرقمي الذي بات يمثل كافة الأنشطة الاقتصادية التي يمكن ممارستها عبر الوسائط الاتصالية الإلكترونية المختلفة. الاقتصاد الرقمي ليس بجديد على دول مجلس التعاون بل هو مفتوح في مجتمعاتها، ويمارسه أفرادها على مدار الساعة، لكن المسألة هنا تتعلق بالتنظيم والعمل على تطوير هذا الاستثمار الجديد الذي لم يكن موجوداً قبل 10 سنوات من الآن.
مؤخراً نشرت تقارير مهمة حول الاقتصاد الرقمي وقدر حجمه عالمياً بنحو 450 مليار دولار سنوياً. وتتوقع شركة «ديلويت» المتخصصة أن يتجاوز هذا الاقتصاد أكثر من 30 مليار دولار بحلول العام 2018 في الشرق الأوسط، وذلك بنسبة نمو تصل إلى 30% سنوياً، وهي بالتأكيد نسبة مذهلة.
قبل نحو سنتين كان كثيرون يسخرون من اهتمام بعض الفتيات الخليجيات بصناعة الكعك المنزلي وبيعه عن طريق الإنستغرام، لكن هذه السخرية زالت الآن، وصار الإنستغرام سوقاً إلكترونياً مفتوحاً ويمكن أن يدر على من يعمل خلاله مئات الدنانير إذا أجاد التسويق فيه.
صناعة الكعك المنزلي وبيعه عبر شبكات التواصل الاجتماعي ليس الاقتصاد الرقمي الذي ننشده، بل لدينا شركات ضخمة ومتوسطة وحتى الصغيرة يجب إلزامها بالمساهمة في تطوير الاقتصاد الرقمي الخليجي، لأننا نتطلع إلى أن يتم توظيف التقنيات الجديدة والعالم الافتراضي الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي في تكوين اقتصاد رقمي خليجي يمكن أن يكون منافساً خلال العقود المقبلة التي سيكون فيها صاحب الاقتصاد الرقمي الإلكتروني هو الأقوى. المسألة ليست صعبة، وإن لم تكن التقنية لدينا، لكن لدينا إمكانيات مادية وبشرية قادرة على الابتكار والتطوير والتنظيم لتحقيق الهدف المطلوب.