رغم أن معظم الدول العربية ومن بينها دول الخليج العربي عانت كثيراً من الإرهاب والتطرف، إلا أنها لم تقم حتى الآن بدراسة شاملة لظاهرة التطرف وتحول من مواطنين إلى إرهابيين.
ندرك جيداً الأبعاد المختلفة والبيئات المتنوعة لظاهرة الإرهاب، إضافة إلى التدخلات الخارجية التي ترتبط بالظاهرة نفسها، لكن في كل مجتمع يعاني من التطرف هناك قابلية للتطرف تكون هي العوامل الأساس.
من الدراسات المهمة التي أجريت حديثاً حول التطرف دراسة أجراها البنك الدولي بعنوان «من يدعم المتطرفين في البلدان النامية؟» وقام بإعدادها باحثان في مكتب البنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
رسمت هذه الدراسة جغرافيا التطرف في العالم، وكشفت عن نتائج هامة أبرزها أن منطقة جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا يعد أفرادها الأعلى نسبة من حيث دعم التطرف، تليها منطقة جنوب شرق آسيا. وتبين للباحثين أن هناك علاقة طردية بين اعتناق معتقدات متطرفة مقابل التقدم في السن كل ذلك خلال مرحلة الشباب فقط.
وحددت أربعة عناصر لبيئة التطرف تشمل البطالة، والدخل المنخفض جداً، والأمية، ومحدودية التدين. وكان مفاجئاً أن الدراسة أثبتت أن نسبة التطرف لدى النساء مماثلة لنظيرتها لدى الرجال.
الأهم في دراسة البنك الدولي على الإطلاق أنها أكدت أن «الأفراد الذين هم على استعداد للمخاطرة بحياتهم من أجل حماية المدنيين الأبرياء هم الأقل عرضة لتبني مواقف متطرفة تجاه العنف، ومن بين هؤلاء ضباط الشرطة ورجال الأمن في بلدان العالم النامي».
هذه الحقيقة العلمية تدفعنا إلى البحث عن هذه الفئة في البحرين، سنجدهم في رجال الأمن والقوات المسلحة، إضافة إلى مئات الآلاف من المواطنين ممن لديهم هذه القدرة، بالتالي هم الأقل عرضة لتبني المواقف المتطرفة تجاه العنف، ويبقى المتطرفون فئة قليلة محدودة العدد.
بعد مهم لمواجهة التطرف يتمثل في كيفية توسيع فئة مناهضي التطرف، وهم الذين لديهم القدرة على مواجهة أي تحد داخلي أو تهديد خارجي يواجه الدولة البحرينية، وهو ما يمكن تحقيقه إذا خضع الأفراد لحملة قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى تستهدف تعزيز الانتماء الوطني ليكون الانتماء للدولة قبل الانتماء للجماعة أو المنطقة أو لرجل الدين أو ذلك السياسي.
إحدى مشاكل الدولة عدم قدرتها المواصلة وتطبيق خطط متوسطة أو طويلة المدى، لكن المسألة تتعلق بالتطرف، أي تتعلق بالأمن الوطني البحريني، ولا يمكن الاكتفاء بحملات عشوائية تحدث هنا وهناك سواءً دعمت أم لم تدعم. لذلك لابد من إعادة النظر في توسيع حجم الفئة المناهضة للتطرف، وهي التي يمكن التعويل عليها للقضاء على أي تطرف أو نزعات راديكالية قد تظهر مستقبلاً.